: التعليق على وثيقة الرعب
الوثيقة من جانب، تعيدنا إلى أجواء العصور الوسطى ونظرية التفويض الإلهى، فهى تكشف عن الطريقة التى تنظر بها الجماعة إلى نفسها، فالإخوان تعتبر نفسها جماعة ربّانية، ستقيم الخلافة نيابة عن جميع المسلمين، لأن إقامتها فرض كفاية. هذا هو بالضبط استلهام لنظرية الجماعة أو الحاكم الذى يفوضه الله أو الرب للحديث باسم شعبه.
الوثيقة، من جانب آخر، تشبه بيان تكفير بامتياز لطوائف المجتمع المصرى كافة، فالليبراليون حسب تلك الوثيقة مُلحِدون ولا يعبدون الله، بل يعبدون أنفسهم والغرب الذى ينقلون عنه أفكارهم، وهم، كما يقول الإخوان، خدعوا العامة بأن علمانيتهم من العلم، ليسهل لهم تمرير أنفسهم فى مجتمعاتنا، والليبراليون ومن والاهم هم أهل الانحلال. ولم ينسَ الإخوان أيضا العامة والبسطاء، فهم يرون إسلامهم جاهليا ومنقوصا، وليس بالدين الذى نتعبد به لله. الوثيقة تكشف كذلك عن سمة أصبحت أصيلة فى الإخوان، هى سمة الكذب والنفاق، فالجماعة ببساطة اعترفت بأنها ارتدت مجموعة من الأقنعة حتى تتواءم مع طبيعة المتغيّرات فى المجتمع المصرى، خلال الفترة الأخيرة، فهى -على سبيل المثال- أدرجت فى قوائمها الانتخابية من سمّتهم بـ«الناصريين والنصارى والليبراليين الجاهلين» لصد هجمات التيار الجاهلى ووفقا لمعيار الضرورات التى تبيح المحظورات. اعترفت أيضا بأن الاصطدام بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة يُعيدها إلى الوراء سنوات، والمقصود بهذا طبعا زمن الاعتقالات، زمن الحياة تحت الأرض، زمن التعذيب، وبالطبع لا يريد قادة الإخوان مغادرة نعيم الدنيا بعد أن تَذوَّقوه، ولهذا فلا مانع من إخوان فى الوثيقة بأنهم يتعاملون مع القوات المسلحة وفقا لمعيار المصالح.
حسنٌ.. ماذا يريد الإخوان؟ الإجابة المرعبة ببساطة: «وجوبية التنظيم، فمن خلاله ستقوم دولة الإسلام، وبدولة الإسلام تقوم الخلافة، فما لم توجد تلك الخلافة وتقُم بواجبها فسيظلّ أمر الدين متواريا فى زوايا الإهمال واللا مبالاة، ومُدرَجا على رفوف النسيان». السؤال الثانى الذى يطرحه الإخوان أنفسهم: ما الذى يحدث لو أهمل المسلمون إقامة ذلك الفرض.. فرض الخلافة؟ الإجابة أيضا أن «الإخوان ينبغى أن يقوموا بهذا الفرض نيابة عن جميع المسلمين».
الإخوان ببساطة يحِنّون إلى ماضٍ ذهبى، كما يتخيلون طبعا، يريدون جرّ المصريين إليه، زمن الخلفاء، وتقطيع أيدى السارقين، والحصول على جزية من الذميين. هل هناك من يستطيع القول الآن إن الفوارق كبيرة وشاسعة بين السلفيين والإخوان؟ لا نعتقد ذلك بعد تلك الوثيقة، فالإخوان عليهم خلع قناع الرقّة، والكذب، الذى ارتدوه بعد الثورة للإيحاء بأنهم أشخاص عصريون، وينتمون إلى الزمن الحديث، فأفكارهم الحقيقية تعود إلى الزمن الجوراسى، زمن الديناصورات، وحتى لا يتصور أحد أن هذا كلامنا فقط، نفتح الباب على مصراعيه للمناقشة والتحليل، لكى ترى كيف سيكون شكل الكلام حول وثيقة جاهلية مرعبة فى القرن الحادى والعشرين؟!
سياسيون: وثيقة تعبر عن إنتهازية
شن عدد من السياسيين والمفكرين هجوما حادا على ما ورد بالوثيقة السرية لجماعة الإخوان المسلمين، والتى كشفت فى فحواها عن أن موقف الجماعة السلبى من أحداث «محمد محمود»، هو عين الشرع وقلب الحقيقة، وأن من يخوضون الانتخابات باعتبارهم فصائل سياسية مختلفة مع الإخوان يقفون ضد فريضة إسلامية، والإخوان جماعة ربانية ستقيم الخلافة نيابة عن جميع المسلمين، لأن إقامتها «فرض كفاية»، وأن التعامل مع «العسكرى» بمعيار المصالح، مؤكدين أن تلك المعلومات والحقائق تكشف عن الوجه الآخر لجماعة الإخوان، ومبدأ الانتهازية السياسية، مشيرين إلى أن تلك المعلومات السرية تكشف استخدام الدين والأساليب الفقهية فى العمل السياسى بشكل كبير.
الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن تلك الوثيقة الخطيرة والبالغة الأهمية تكشف مدى انتهازية جماعة الإخوان المسلمين وقدرتها على لىِّ ذراع الحقائق، والاستناد إلى الدين للوصول إلى غايتهم العظمى، لكن التخوف الكبير من وصول واستشراء أمثال عبد الرحمن البر وغيره من مفتيى الجماعة، إلى مؤسسة الأزهر، مما سيؤدى إلى تأميم كل المؤسسات لصالح الجماعة، نظرا لخطابهم الدينى، لافتا إلى أن تلك الأقاويل تؤكد تداخل الدين فى السياسة، ويؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين حزب دينى فى الأساس، ويتعامل بفكر المقولات والأحاديث الدينية والنبوية والآيات القرآنية، حتى يصل إلى هدفه، كالاقتباس بما نشرته الوثيقة بالاستشهاد الدائم بكلمة الفتح المبين، وبعض أحداث النبى «ص» حينما قال «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة»، مبررين بذلك موقفهم من عدم نزول الإخوان فى أحداث «محمد محمود».
وأوضح ربيع أن تلك الآراء والأفكار والتبريرات التى تسوقها الجماعة فى الوثيقة مثل التعامل مع المجلس العسكرى بمنطق معيار المصالح لتبرير الهيمنة والسيطرة والضغط على عواطف المواطنين، ممن لديهم سرعة كبيرة لاستمالة مواقفهم عبر المقولات والأحاديث والاستشهاد ببعض الآيات القرآنية، لافتا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تعانى من تخبط فكرى واضح، وقد ينقل ذلك خلال الآونة القادمة إذا ما توصلوا إلى الأماكن التنفيذية للحكم وتقلدوا جميع السلطات، مما يعد أمرا خطيرا.
الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، أكد أن تلك الوثيقة السرية لجماعة الإخوان المسلمين -إن صح ما بداخلها وما تحويه من حقائق بالغة الخطورة- فهى تكشف الوجه الآخر والخطير والحقير -على حد قوله- لجماعة الإخوان المسلمين، موضحا أننا كنا نعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين قد تجاوزت تلك الأفكار، خلال الفترة الماضية، لكن تلك المعلومات الخفية توضح أن جماعة الإخوان المسلمين لا تزال تتعامل بنفس المنطق والفكر، ولم تتخل عنه، بل تحاول إقحام الدين والفقه الشرعى والاستشهاد بالأحاديث والآيات فى أمور سياسية وحزبية محضة، مؤكدا أن تلك الأمور مرفوضة شكلا وموضوعا، مطالبا جماعة الإخوان بإفصاح حقيقة موقفها وماهية تلك الوثيقة ومدى صحة المعلومات التى تحملها، مشددا على أنه إذا لم تؤكد أو تنف الجماعة تلك الحقائق من كاتب الوثيقة فهى تتحمل تبعاتها، وعليها أن تحاسب على تلك الأفكار القديمة والغريبة فى ذات الوقت.
الباحث والمفكر السياسى الدكتور محمد الجوادى، قال إنه لا يعقل أن يصل فكر الإخوان إلى هذه الدرجة، موضحا أن تلك الحقائق ليست مؤكدة حتى اللحظة الراهنة، ويجب التأكد والتحقق منها قبل إثباتها أو التعليق عليها، مؤكدا أن تلك الصياغة التى تم تحرير الوثيقة بها ليست صياغة شريعة، ومستوى الكلام إنشائى، ولا يمكن التعليق على تلك الوثيقة الخطيرة والغاية فى الأهمية، إلا مع التثبت من صحتها ودقتها والتبين، ولن يتحقق ذلك إلا عبر جماعة الإخوان المسلمين وبيان موقفها من تلك الوثيقة السرية، التى تم نشرها.
الباحث السياسى والمتخصص فى شؤون الجماعات الإسلامية، الدكتور يسرى العزباوى، أوضح أن تلك المعلومات والحقائق السرية، تبين أننا انتهينا من نظام سلطوى استبدادى سياسى لنذهب إلى نظام استبدادى سياسى دينى، مشيرا إلى أن كل المؤشرات تظهر أن الجماعة لا تريد السيطرة فقط على كل المجالس المنتخبة فقط، لكن على كل محاور الحكم، كاشفا عن قيام الإخوان بعمل خطط المئة يوم، فى حالة حدوث اضطرابات بفوز مرسى عبر السيطرة على كل الوزارات والمحاور الأساسية، موضحا أن الإخوان لا يعون بشكل أو بآخر قواعد اللعبة السياسية بعد الثورة، وهى تختلف تماما عن ألعاب ومقاليد الوقت الراهن، مشيرا إلى أن الإخوان بدورهم برجماتيون لا يعودون إلى التحالفات إلا لمصالحهم، وتبين ذلك من خلال ادعاءاتهم بكونهم مفجرى الثورة.
وأضاف العزباوى أن الإخوان ليس لديهم القدرة على التعامل مع آليات وميكانزم الأفكار الجديدة التى طرأت عقب الثورة مباشرة، منوها بأن تلك الأفكار التى يروج إليها الإخوان تحت مسمى الدين ستؤدى إلى وأد الثورة وضربها فى مقتل، وستؤدى إلى العودة إلى العصور الوسطى ونظام الميليشيات السرية، متسائلا «عن السبب وراء عدم إشهار الإخوان أنفسهم كجمعية أهلية والالتزام بكونهم جماعة؟»، مطالبا الإخوان بالالتزام بقواعد اللعبة وعدم الخروج عنها بشكل أو بآخر.
عاطف عواد «عضو الهيئة العليا لحزب الوسط يكتب»: آن لنا أن نمد أقدامنا
يقولون فى الأمثال «المرء مخبوء تحت لسانه»، بمعنى أنه عندما يتكلم تظهر حقيقته، وحينما كان أحد الفقهاء يجلس بين تلاميذه مادا ساقه دخل عليه رجل يبدو عليه الوقار فسحب الفقيه ساقه احتراما لهذا الرجل الوقور، وعندما تكلم الرجل الوقور كلاما يدل على الجهل والحماقة مد الفقيه ساقه مرة أخرى وقال: «آن للشيخ أن يمد ساقه»، هذه القصة تواردت فى ذهنى عندما قرأت البحث الفقهى الذى كتبه الدكتور عبد الرحمن البر، وقلت: «آن لى أن أمد ساقى»، والحقيقة ليس من حقى وحدى أن أمد ساقى، ولكن من حق مصر كلها أن تمد ساقها فى وجه من كتبوا هذه الدراسة التى تفرق بين المسلمين فتجعل من هذا الإخوانى مسلما أما من عداه فهو من الجاهلين.عندما قرأت هذه الوثيقة تمنيت أن لا تكون حقيقية، ولو كانت حقيقية فعلا وصدرت منهم لكانت كارثة، فيبدو أن ملامح هذه الدراسة وأفكارها كانت تغزو جماعة الإخوان على مهل منذ سنين طويلة، وكانت هذه الأفكار هى الدافعة لنا أن نخرج من ضيق الجماعة إلى رحابة العمل الوطنى المستنير الذى يبحث عن مصلحة مصر لا مصلحة جماعة، وللأسف فإن الجسد الإخوانى أصبح تربة خصبة لهذه الأفكار المتطرفة التى أرى أنها بعيدة كل البعد عن المنهج الدعوى الأصلى لجماعة الإخوان الأصلية التى كانت أفكارها تقوم على الاعتدال والمرونة، ولكن فى رحلة «التمكين» لمجموعة سيد قطب وتنظيم 1965 تغيرت الخريطة الفكرية للجماعة، حتى إن تعبيرات «الجاهلية والمجتمع المسلم والمناهج الأرضية التى ما أنزل الله بها من سلطان» أصبحت هى المفردات الأكثر استخداما داخل جماعة الإخوان الحالية.
وللحق أقول إن المشكلة لا تكمن فى من يكتب هذه الدراسات التى ينسبها إلى الشرع، ولكن المشكلة الكبرى تكمن فى القاعدة الإخوانية التى تمت تربيتها على هذه الأفكار التى بمثل تلك الأفكار ستصبح بمثابة قنبلة زمنية قابلة للانفجار فى وجه الوطن فى أى لحظة، نجحت مجموعة سيد قطب التى سيطرت على الجماعة فى أن تجعل أفراد الجماعة قابلين أى أفكار حتى لو كانت شديدة التطرف أو الخطأ، فمن أركان البيعة مبدأ «الثقة فى القيادة»، وهذه الثقة التى يتربى عليها الإخوان تجعلهم يقبلون أى فكرة تأتى إليهم من قياداتهم، بل إنهم ينظرون إلى القيادات نظرة فيها تقديس مبالغ فيه، وأظن أن مواقف الجماعة فى الفترات الماضية تدل على هذا الفهم الغريب، والعبارة التى كنا نتندر عليها ونحن فى الإخوان حينما كان يقول لنا أحد أفراد الجماعة وهو يمتدح قرارا ما للقيادات: «إخواننا فوق يرون ما لا نرى ويفهمون ما لا نفهم»، وأذكر حينما كنت فى الجماعة منذ سنوات طويلة أردت أن أجرى اختبارا بسيطا على عقول بعض أفراد الجماعة الذين كانوا معى فى أسرة إخوانية واحدة، وكانت الحرب داخل الإخوان وقتها مستعرة ضد مجموعة حزب الوسط والمهندس أبو العلا ماضى، وكانت كل تصريحات المهندس أبو العلا ماضى تلقى سخرية أفراد الجماعة -حتى لو كانت تصريحات وطنية تتحدث عن القضايا الوطنية وقيم المعارضة المصرية- كان أفراد الجماعة فى ما بينهم يتهمون المهندس أبو العلا بعدم الفهم، تماما كما يفعلون هذه الأيام مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وفى لقاء من لقاءات أسرتى الإخوانية قرأت لأفراد الأسرة رأيا فى قضية وطنية وقلت إن هذا الرأى قاله المستشار مأمون الهضيبى لإحدى الصحف، فإذا بكل أفراد الأسرة يمتدحون هذا الرأى ويقولون إنه يدل على عقلية فذة لا تتكرر، وإن هذا الرأى لا يستطيع أحد من غير الإخوان أن يقوله بمثل هذه القوة ورجاحة العقل، ثم قرأت لهم تصريحا آخر وقلت لهم إن هذا التصريح قاله المهندس أبو العلا ماضى فسخروا من رأيه وضحكوا من سذاجته، وهنا أخرجت لهم الصحيفة التى فيها التصريحان، وكان التصريح الأول الذى امتدحوه والذى نسبته إلى المستشار مأمون فى حقيقته صادر من المهندس أبو العلا ماضى، والتصريح الثانى الذى سخروا منه كان صادرا فى الحقيقة من المستشار مأمون الهضيبى! ولا أحدثكم عن الغضب واللوم الذى نلته والذى وقع على رأسى، ولكن كانت هذه الأيام هى الأيام الأخيرة لى فى الجماعة فقد أيقنت أن الموازين الفكرية لها قد أصابها الخلل، وكنت وقتها قد التحقت بالفعل بمجموعة حزب الوسط، هذه قصة أرويها ليعرف الناس كيف يفكر الإخوان، وأظن أن الوثيقة التى نشرتها «التحرير» قد أظهرت كيف يفكر قادة الإخوان وكيف يشوهون عقول أفراد جماعتهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
برلمانيون: الإخوان يلعبون لمصلحتهم
«الإخوان لا يعرفون إلا مصلحتهم» هكذا اتفق عدد من البرلمانيين فى تعليقهم على المعلومات الخطيرة المفزعة الواردة فى الوثيقة الإخوانية السرية، التى كشفت عنها «التحرير» فى عددها الصادرمايو2012
رئيس لجنة الشؤون العربية فى مجلس الشعب، النائب محمد السعيد إدريس، قال إن انصياع شباب الإخوان للوثائق التى تخرج عن مكتب الإرشاد هو أمر لا جدال فيه، لأن شباب الإخوان انتموا إلى الجماعة على أسس معلومة، أولها وأهمها على الإطلاق قبول الأوامر، فالعلاقة بين قادة الجماعة والأعضاء هى علاقة السمع والطاعة، ولا يمكن لأى من أعضاء الجماعة سواء شبابا أو شيوخا أن يرفضوا أى من قرارات الجماعة أو يخرجوا عنها، وإلا خرجوا عن الجماعة نفسها وأصبحوا بذلك منشقين.
إدريس طالب جميع القوى السياسية، سواء كانوا علمانيين أو يساريين أو إخوانا أو سلفيين، بأن يتكاتفوا ضد كل الأطراف، التى تتواطأ على الثورة داخل مصر أو خارجها، استنادا إلى أن التشتت بين من سينزل إلى الميدان ومن يستكمل المسيرات والمظاهرات السلمية من جهة، وبين من يلتزم بعدم التظاهر وعدم النزول إلى الشارع مجددا من جهة أخرى، إنما يخلق تناحرا غير محمود، ويعطى الفرصة للفلول والتيارات المضادة للثورة أن تتلاعب بالثورة وبالثوار، مشيرا إلى أنه من الأفضل أن لا تلاحق القوى والتيارات السياسية المختلفة بعضها البعض، أو تتبع أخطاء بعضها وتنشغل عن الهدف الأساسى لمصر، وهو استعادة الثورة المسروقة وتحقيق أهدافها.
من جانبه، قال النائب محمد أبو حامد، ، إنه ليس بغريب على جماعة الإخوان أن تضع دراسة أو وثيقة موجهة إلى أعضائها الشباب ممن نزلوا إلى الميدان، من أجل أن تعيدهم إلى جعبتها من جديد، وهو ما يتم مع منطلق أن الجماعة لا تتحرك إلا تبعا لمصلحتها ومطامعها فقط، ومن ثم يترك قادتها الشباب يشاركون فى الفاعليات الثورية المختلفة، إذا رأوا أن وجودهم فى الشارع سوف يجلب لهم المزيد من المكاسب، وهو ما يتغير إذا استشعروا أن صفقتهم مع من يريد قمع المظاهرات حتى وإن كانت سلمية هى الرابحة.
أبو حامد لفت إلى أن استخدام الجماعة سلاح الدين أمر بديهى، لأنه من الأساس هو الرابط الوحيد المؤثر بينها وبين الناس، وقد نجح قادة الجماعة فى جذب الشباب إليها من جديد بدلا من مشاركتهم فى الثورة عبر تلك الوثيقة، التى لا تُعَد سوى أداة من أدواتهم التى يستخدمونها من أجل مصلحتهم، مشيرا إلى أن تلك الوثيقة أتت بثمارها وجعلت شباب الجماعة يقفون ضد المظاهرات دون إعمال للعقل من جانبهم، ولكن فقط انصياعا منهم لقرارات الجماعة. من جانبه، قال النائب محمد عوف، عن حزب غد الثورة، الذى خاض انتخابات مجلس الشعب الماضية، ضمن قائمة التحالف الديمقراطى من أجل مصر، بقيادة الإخوان، وحزبهم الحرية والعدالة، اعتبر أن تلك الوثيقة هى أمر خاص بالجماعة دون غيرها، وهو أمر داخلى لا شأن لأى من القوى الأخرى به، وقال نحن الآن أمام أمر أخطر كثيرا من الوثيقة، وهو تفتت القوى السياسية وتشتتها عن الوجهة الواحدة، مشيرا إلى أن الوثيقة التى تدعو إلى عدم النزول فى المظاهرات السلمية، تعنى أن القوى السياسية المختلفة لن تتكاتف بعضها مع بعض، فى حين أننا مقبلون على انتخابات رئاسية يمكن أن يستغل مرشحو الفلول هذا التشتيت ليصلوا إلى الحكم.
حبيب: الوثيقة تتنافى مع أفكار الإخوان
نائب المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد حبيب، يستبعد أن تكون تلك الوثيقة السرية، صادرة عن الجماعة، وبدا أكثر ميلا لفرضية استحالة تداولها فى الجماعة، لافتا إلى أن تلك المعلومات المنشورة فى الوثيقة تتنافى مع أفكار ومبادئ وأساليب الإخوان بشكل أو بآخر، لكنه شدد على أنه فى حال التأكد من صحة تلك الوثيقة، فإنه سيكون لها عديد من النتائج، وستحتاج إلى مراجعة ما ورد فيها. «لا أثق فى دقتها، ولا أتصور أن تتم بتلك الصورة والآلية»، تلك هى قناعة حبيب عن الوثيقة، لافتا إلى أن مناقشة الأفكار والمعلومات والحقائق المفزعة التى تتعلق بالجماعة، تتطلب التقصى الشديد والتحقق من مصدرها.
حبيب نوه إلى أن الإخوان كثيرا ما كان يُزج بهم فى السجون والمعتقلات، وكان من أساليب المواساة بينهم، أن يقول بعضهم لبعض «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة»، مثلما كان يقال للسلف الصالح، وجميعها كانت أساليب بغرض المواساة وتهدف إلى الوقوف بجوار الشخص السجين وليست لأغراض دينية، مشيرا إلى أن التيار الإسلامى، خصوصا الإخوان، خذلوا كل القوى الثورية فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، لتحقيق مصالحهم الشخصية، رغم أن القوى الثورية الضاغطة كانت هى الوقود الفعلى ضد المجلس العسكرى، ولا يمكن إنكار تلك الحقيقة، ولكن باقى المعلومات الواردة فى الوثيقة فى غاية الخطورة وينبغى مراجعتها والتحقق منها.
البر: الوثيقة كاذبة
كما كان متوقعا لم تتردد جماعة الإخوان المسلمين من التبرؤ ونفى صلتها بوثيقة الرعب التى كشفت عنها «التحرير» فى احد اعدادها . الوثيقة منسوبة للإخوان بغير وجه حق، هذا ما أكده عضو مكتب إرشاد الإخوان المسلمين ومفتى الجماعة الحالى، الدكتور عبد الرحمن البر، مشيرا إلى أن الجماعة لم يصدر عنها مثل هذه الأقاويل، التى وصفها البر بـ«المختلقة».
البر قال إن وثيقة «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» ليست صحيحة جملة وتفصيلا، ولا يجد فيها من حديثه سوى بعض الجمل البسيطة، التى وردت فى مقال له بعنوان «المشروع الإسلامى لماذا؟»، وأضاف «أما دون ذلك فهو كذب وافتراء». تجهيل المصدر يؤكد أن صاحب هذه الوثيقة كالسارق. قال البر، مشيرا إلى أنه «ما دام أن القيادى سابق فى الجماعة فلماذا خشى من ذكر اسمه؟». وأكد القيادى الإخوانى أن هذه محاولات فاشلة للنيل من الجماعة، وزعم أن هذه المحاولات لن تنجح، لأن الإخوان ملتحمون بالشعب، مشددا على أن الشارع يستطيع أن يميز الكذب المفترى به على الإخوان، حسب تعبيره.
وأضاف البر «الكذب ليس له قدم يسير عليها»، مشددا على أنه «من الكذب أن يقال إننى كتبت الوثيقة بخط يدى، ووقعت عليها، ولا توجد مذكرة فى الإخوان يتم توقيعها، كما أننى أكتب ما أقدمه من مقترحات على جهازى الخاص، ولا يتم مراجعته لغويا أو تصحيحيا لأننى أقوم بذلك».
قيادات حزبية: ما ذكر فى الوثيقة ليس غريبا عن فكر الإخوان
فى وقت حرج تظهر وثيقة الرعب الإخوانية التى كشف عنها أحد القيادات السابقة فى جماعة الإخوان المسلمين، لتظهر ما يضمر قياداتها من أفكار عن الدولة التى يسعون إلى السيطرة عليها، مستخدمين فى ذلك كل الأساليب فى سبيل الوصول إلى الهدف الأكبر.
كما كشفوا أيضا عن نظرتهم إلى باقى التيارات السياسية وأفراد المجتمع وللقيادات الحزبية، التى اعتبرت أن الوثيقة زادت المخاوف التى استشعرتها القوى المدنية والسياسية قبل ذكرها فى الوثيقة.
عضو المكتب السياسى والمتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، أحمد خيرى، وصف هذه الوثيقة بالخطيرة، قائلا «إن صحت فالأمر يحتاج إلى وقفة جادة لأنها تعنى أننا مقبلون على كارثة حقيقية، وأن جماعة الإخوان لا تريد دولة ديمقراطية أو تداول سلمى للسلطة، وإنما تسعى إلى إقامة دولة دينية ودولة الخلافة»، لافتا إلى أن الوثيقة أكدت تقسيم المجتمع إلى جماعة يصح إسلامها هى جماعة الإخوان وأبنائهم، وأن باقى المجتمع فى نظرهم إسلامه منقوص.
خيرى قال «كلنا إسلامنا منقوص بالنسبة إليهم وأبناء الإخوان إسلامهم كامل أو إسلام مستسلم كما يقولون، وهى نفس أفكار سيد قطب وقيادات الجماعة الأوائل فمن يقرأ فى أدبيات الإخوان لن يجد ما ذُكر فى الوثيقة أمر غريب على فكر الإخوان وسياساتهم»، مطالبا الإخوان بالمصارحة والكشف عن حقيقة انتماء هذه الوثيقة إليهم»، وشدد خيرى على أن الشعب يحتاج إلى سنوات أخرى من الجهاد ضد الحكم الدينى، متوقعا أن يعود الشعب قريبا إلى ميدان التحرير «لإسقاط الفاشية الدينية الإسلامية».
رئيس حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الدكتور محمد أبو الغار، فقال أنه ليس متأكدا من صحة الوثيقة، ولا بد من دليل واضح لخروجها على جماعة الإخوان، قائلا «ولكنها إن كانت صحيحة بالفعل فهذا أمر متوقع وأشياء نعرفها عنهم، ونتخيلها إن لم نعرفها، ومن الجيد أنها ظهرت فى مثل هذا التوقيت الحرج»، متوقعا أن يكون لها تأثير ضخم سيغير نظرة الناس لهم فى الانتخابات لو وصلت إليهم، وعن ردود أفعال القوى السياسية عما نشر فى الوثيقة، قال أبو الغار «إحنا ناس مسالمين لا نتعامل بالعنف، ولكن بالكلام».
أبو الغار أضاف أن المشكلة الحقيقية مع الإخوان أنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، ويعطون وعودا للجميع لن ينفذوها، مضيفا «فى النهاية هايضحكوا على الناس كلها».
القيادية فى الحزب الاشتراكى المصرى، كريمة الحفناوى، أكدت أنها لا تستغرب إطلاقا أن تكون الوثيقة صادرة بالفعل عن الجماعة، فسلوكهم يشرح ما ورد فى الوثيقة دون الحاجة إلى كتابته فى كلمات، فهم يقومون بكل شىء لتحقيق مصالحهم الخاصة فقط من خلال إقناع أقرانهم داخل الجماعة ومريديهم خارج الجماعة باستخدام الدين ولىّ عنق الآيات القرآنية والفتاوى الدينية، ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة لتبرير أفعالهم ومواقفهم المتخاذلة منذ الثورة وحتى الآن، واستخدام وسائل غير شرعية بعيدة عن الدين. الحفناوى أكدت أن هذه الوثيقة إنما كشفت سلوك الإخوان المتجذر فيهم ومتاجرتهم باسم الدين، وهم فى ذلك لا يقلون إثما وفسادا عن المتاجرين بأفكارهم السياسية أو بدماء الشهداء، وهو أمر لا يتفق مع الدين والأخلاق والضمير.
وأضافت الحفناوى أن الإخوان يتعاملون كما يقول المثل الشعبى «ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى، فهم يقومون بتشويه التيارات الليبرالية والاشتراكية ويتهموننا بالكفر وأشياء أخرى كالعمالة والتمويل من الخارج وكأن الله أعطاهم صكا بأنهم وحدهم المسلمون، ويكفرون من دونهم فهل هذا من الإسلام؟!».
بينما قال عبد الغفار شكر، القيادى فى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إن الإخوان لا يخفون أنهم يسعون بكل الوسائل لتمكين دولة الإسلام ويجيشون ويحشدون للمشروع الإسلامى، مضيفا أنه لا يستطيع التعليق على الوثيقة نفسها لأن الفترة الحالية حرجة، وفيها حرب إعلامية على الجميع، قائلا «لا أعتقد أنها ستؤثر على موقفهم فى الانتخابات. فماكينة الانتخابات دائرة، ولديهم قدرات ضخمة على الحشد والتجييش».
الوثيقة، من جانب آخر، تشبه بيان تكفير بامتياز لطوائف المجتمع المصرى كافة، فالليبراليون حسب تلك الوثيقة مُلحِدون ولا يعبدون الله، بل يعبدون أنفسهم والغرب الذى ينقلون عنه أفكارهم، وهم، كما يقول الإخوان، خدعوا العامة بأن علمانيتهم من العلم، ليسهل لهم تمرير أنفسهم فى مجتمعاتنا، والليبراليون ومن والاهم هم أهل الانحلال. ولم ينسَ الإخوان أيضا العامة والبسطاء، فهم يرون إسلامهم جاهليا ومنقوصا، وليس بالدين الذى نتعبد به لله. الوثيقة تكشف كذلك عن سمة أصبحت أصيلة فى الإخوان، هى سمة الكذب والنفاق، فالجماعة ببساطة اعترفت بأنها ارتدت مجموعة من الأقنعة حتى تتواءم مع طبيعة المتغيّرات فى المجتمع المصرى، خلال الفترة الأخيرة، فهى -على سبيل المثال- أدرجت فى قوائمها الانتخابية من سمّتهم بـ«الناصريين والنصارى والليبراليين الجاهلين» لصد هجمات التيار الجاهلى ووفقا لمعيار الضرورات التى تبيح المحظورات. اعترفت أيضا بأن الاصطدام بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة يُعيدها إلى الوراء سنوات، والمقصود بهذا طبعا زمن الاعتقالات، زمن الحياة تحت الأرض، زمن التعذيب، وبالطبع لا يريد قادة الإخوان مغادرة نعيم الدنيا بعد أن تَذوَّقوه، ولهذا فلا مانع من إخوان فى الوثيقة بأنهم يتعاملون مع القوات المسلحة وفقا لمعيار المصالح.
حسنٌ.. ماذا يريد الإخوان؟ الإجابة المرعبة ببساطة: «وجوبية التنظيم، فمن خلاله ستقوم دولة الإسلام، وبدولة الإسلام تقوم الخلافة، فما لم توجد تلك الخلافة وتقُم بواجبها فسيظلّ أمر الدين متواريا فى زوايا الإهمال واللا مبالاة، ومُدرَجا على رفوف النسيان». السؤال الثانى الذى يطرحه الإخوان أنفسهم: ما الذى يحدث لو أهمل المسلمون إقامة ذلك الفرض.. فرض الخلافة؟ الإجابة أيضا أن «الإخوان ينبغى أن يقوموا بهذا الفرض نيابة عن جميع المسلمين».
الإخوان ببساطة يحِنّون إلى ماضٍ ذهبى، كما يتخيلون طبعا، يريدون جرّ المصريين إليه، زمن الخلفاء، وتقطيع أيدى السارقين، والحصول على جزية من الذميين. هل هناك من يستطيع القول الآن إن الفوارق كبيرة وشاسعة بين السلفيين والإخوان؟ لا نعتقد ذلك بعد تلك الوثيقة، فالإخوان عليهم خلع قناع الرقّة، والكذب، الذى ارتدوه بعد الثورة للإيحاء بأنهم أشخاص عصريون، وينتمون إلى الزمن الحديث، فأفكارهم الحقيقية تعود إلى الزمن الجوراسى، زمن الديناصورات، وحتى لا يتصور أحد أن هذا كلامنا فقط، نفتح الباب على مصراعيه للمناقشة والتحليل، لكى ترى كيف سيكون شكل الكلام حول وثيقة جاهلية مرعبة فى القرن الحادى والعشرين؟!
سياسيون: وثيقة تعبر عن إنتهازية
شن عدد من السياسيين والمفكرين هجوما حادا على ما ورد بالوثيقة السرية لجماعة الإخوان المسلمين، والتى كشفت فى فحواها عن أن موقف الجماعة السلبى من أحداث «محمد محمود»، هو عين الشرع وقلب الحقيقة، وأن من يخوضون الانتخابات باعتبارهم فصائل سياسية مختلفة مع الإخوان يقفون ضد فريضة إسلامية، والإخوان جماعة ربانية ستقيم الخلافة نيابة عن جميع المسلمين، لأن إقامتها «فرض كفاية»، وأن التعامل مع «العسكرى» بمعيار المصالح، مؤكدين أن تلك المعلومات والحقائق تكشف عن الوجه الآخر لجماعة الإخوان، ومبدأ الانتهازية السياسية، مشيرين إلى أن تلك المعلومات السرية تكشف استخدام الدين والأساليب الفقهية فى العمل السياسى بشكل كبير.
الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن تلك الوثيقة الخطيرة والبالغة الأهمية تكشف مدى انتهازية جماعة الإخوان المسلمين وقدرتها على لىِّ ذراع الحقائق، والاستناد إلى الدين للوصول إلى غايتهم العظمى، لكن التخوف الكبير من وصول واستشراء أمثال عبد الرحمن البر وغيره من مفتيى الجماعة، إلى مؤسسة الأزهر، مما سيؤدى إلى تأميم كل المؤسسات لصالح الجماعة، نظرا لخطابهم الدينى، لافتا إلى أن تلك الأقاويل تؤكد تداخل الدين فى السياسة، ويؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين حزب دينى فى الأساس، ويتعامل بفكر المقولات والأحاديث الدينية والنبوية والآيات القرآنية، حتى يصل إلى هدفه، كالاقتباس بما نشرته الوثيقة بالاستشهاد الدائم بكلمة الفتح المبين، وبعض أحداث النبى «ص» حينما قال «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة»، مبررين بذلك موقفهم من عدم نزول الإخوان فى أحداث «محمد محمود».
وأوضح ربيع أن تلك الآراء والأفكار والتبريرات التى تسوقها الجماعة فى الوثيقة مثل التعامل مع المجلس العسكرى بمنطق معيار المصالح لتبرير الهيمنة والسيطرة والضغط على عواطف المواطنين، ممن لديهم سرعة كبيرة لاستمالة مواقفهم عبر المقولات والأحاديث والاستشهاد ببعض الآيات القرآنية، لافتا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تعانى من تخبط فكرى واضح، وقد ينقل ذلك خلال الآونة القادمة إذا ما توصلوا إلى الأماكن التنفيذية للحكم وتقلدوا جميع السلطات، مما يعد أمرا خطيرا.
الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، أكد أن تلك الوثيقة السرية لجماعة الإخوان المسلمين -إن صح ما بداخلها وما تحويه من حقائق بالغة الخطورة- فهى تكشف الوجه الآخر والخطير والحقير -على حد قوله- لجماعة الإخوان المسلمين، موضحا أننا كنا نعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين قد تجاوزت تلك الأفكار، خلال الفترة الماضية، لكن تلك المعلومات الخفية توضح أن جماعة الإخوان المسلمين لا تزال تتعامل بنفس المنطق والفكر، ولم تتخل عنه، بل تحاول إقحام الدين والفقه الشرعى والاستشهاد بالأحاديث والآيات فى أمور سياسية وحزبية محضة، مؤكدا أن تلك الأمور مرفوضة شكلا وموضوعا، مطالبا جماعة الإخوان بإفصاح حقيقة موقفها وماهية تلك الوثيقة ومدى صحة المعلومات التى تحملها، مشددا على أنه إذا لم تؤكد أو تنف الجماعة تلك الحقائق من كاتب الوثيقة فهى تتحمل تبعاتها، وعليها أن تحاسب على تلك الأفكار القديمة والغريبة فى ذات الوقت.
الباحث والمفكر السياسى الدكتور محمد الجوادى، قال إنه لا يعقل أن يصل فكر الإخوان إلى هذه الدرجة، موضحا أن تلك الحقائق ليست مؤكدة حتى اللحظة الراهنة، ويجب التأكد والتحقق منها قبل إثباتها أو التعليق عليها، مؤكدا أن تلك الصياغة التى تم تحرير الوثيقة بها ليست صياغة شريعة، ومستوى الكلام إنشائى، ولا يمكن التعليق على تلك الوثيقة الخطيرة والغاية فى الأهمية، إلا مع التثبت من صحتها ودقتها والتبين، ولن يتحقق ذلك إلا عبر جماعة الإخوان المسلمين وبيان موقفها من تلك الوثيقة السرية، التى تم نشرها.
الباحث السياسى والمتخصص فى شؤون الجماعات الإسلامية، الدكتور يسرى العزباوى، أوضح أن تلك المعلومات والحقائق السرية، تبين أننا انتهينا من نظام سلطوى استبدادى سياسى لنذهب إلى نظام استبدادى سياسى دينى، مشيرا إلى أن كل المؤشرات تظهر أن الجماعة لا تريد السيطرة فقط على كل المجالس المنتخبة فقط، لكن على كل محاور الحكم، كاشفا عن قيام الإخوان بعمل خطط المئة يوم، فى حالة حدوث اضطرابات بفوز مرسى عبر السيطرة على كل الوزارات والمحاور الأساسية، موضحا أن الإخوان لا يعون بشكل أو بآخر قواعد اللعبة السياسية بعد الثورة، وهى تختلف تماما عن ألعاب ومقاليد الوقت الراهن، مشيرا إلى أن الإخوان بدورهم برجماتيون لا يعودون إلى التحالفات إلا لمصالحهم، وتبين ذلك من خلال ادعاءاتهم بكونهم مفجرى الثورة.
وأضاف العزباوى أن الإخوان ليس لديهم القدرة على التعامل مع آليات وميكانزم الأفكار الجديدة التى طرأت عقب الثورة مباشرة، منوها بأن تلك الأفكار التى يروج إليها الإخوان تحت مسمى الدين ستؤدى إلى وأد الثورة وضربها فى مقتل، وستؤدى إلى العودة إلى العصور الوسطى ونظام الميليشيات السرية، متسائلا «عن السبب وراء عدم إشهار الإخوان أنفسهم كجمعية أهلية والالتزام بكونهم جماعة؟»، مطالبا الإخوان بالالتزام بقواعد اللعبة وعدم الخروج عنها بشكل أو بآخر.
عاطف عواد «عضو الهيئة العليا لحزب الوسط يكتب»: آن لنا أن نمد أقدامنا
يقولون فى الأمثال «المرء مخبوء تحت لسانه»، بمعنى أنه عندما يتكلم تظهر حقيقته، وحينما كان أحد الفقهاء يجلس بين تلاميذه مادا ساقه دخل عليه رجل يبدو عليه الوقار فسحب الفقيه ساقه احتراما لهذا الرجل الوقور، وعندما تكلم الرجل الوقور كلاما يدل على الجهل والحماقة مد الفقيه ساقه مرة أخرى وقال: «آن للشيخ أن يمد ساقه»، هذه القصة تواردت فى ذهنى عندما قرأت البحث الفقهى الذى كتبه الدكتور عبد الرحمن البر، وقلت: «آن لى أن أمد ساقى»، والحقيقة ليس من حقى وحدى أن أمد ساقى، ولكن من حق مصر كلها أن تمد ساقها فى وجه من كتبوا هذه الدراسة التى تفرق بين المسلمين فتجعل من هذا الإخوانى مسلما أما من عداه فهو من الجاهلين.عندما قرأت هذه الوثيقة تمنيت أن لا تكون حقيقية، ولو كانت حقيقية فعلا وصدرت منهم لكانت كارثة، فيبدو أن ملامح هذه الدراسة وأفكارها كانت تغزو جماعة الإخوان على مهل منذ سنين طويلة، وكانت هذه الأفكار هى الدافعة لنا أن نخرج من ضيق الجماعة إلى رحابة العمل الوطنى المستنير الذى يبحث عن مصلحة مصر لا مصلحة جماعة، وللأسف فإن الجسد الإخوانى أصبح تربة خصبة لهذه الأفكار المتطرفة التى أرى أنها بعيدة كل البعد عن المنهج الدعوى الأصلى لجماعة الإخوان الأصلية التى كانت أفكارها تقوم على الاعتدال والمرونة، ولكن فى رحلة «التمكين» لمجموعة سيد قطب وتنظيم 1965 تغيرت الخريطة الفكرية للجماعة، حتى إن تعبيرات «الجاهلية والمجتمع المسلم والمناهج الأرضية التى ما أنزل الله بها من سلطان» أصبحت هى المفردات الأكثر استخداما داخل جماعة الإخوان الحالية.
وللحق أقول إن المشكلة لا تكمن فى من يكتب هذه الدراسات التى ينسبها إلى الشرع، ولكن المشكلة الكبرى تكمن فى القاعدة الإخوانية التى تمت تربيتها على هذه الأفكار التى بمثل تلك الأفكار ستصبح بمثابة قنبلة زمنية قابلة للانفجار فى وجه الوطن فى أى لحظة، نجحت مجموعة سيد قطب التى سيطرت على الجماعة فى أن تجعل أفراد الجماعة قابلين أى أفكار حتى لو كانت شديدة التطرف أو الخطأ، فمن أركان البيعة مبدأ «الثقة فى القيادة»، وهذه الثقة التى يتربى عليها الإخوان تجعلهم يقبلون أى فكرة تأتى إليهم من قياداتهم، بل إنهم ينظرون إلى القيادات نظرة فيها تقديس مبالغ فيه، وأظن أن مواقف الجماعة فى الفترات الماضية تدل على هذا الفهم الغريب، والعبارة التى كنا نتندر عليها ونحن فى الإخوان حينما كان يقول لنا أحد أفراد الجماعة وهو يمتدح قرارا ما للقيادات: «إخواننا فوق يرون ما لا نرى ويفهمون ما لا نفهم»، وأذكر حينما كنت فى الجماعة منذ سنوات طويلة أردت أن أجرى اختبارا بسيطا على عقول بعض أفراد الجماعة الذين كانوا معى فى أسرة إخوانية واحدة، وكانت الحرب داخل الإخوان وقتها مستعرة ضد مجموعة حزب الوسط والمهندس أبو العلا ماضى، وكانت كل تصريحات المهندس أبو العلا ماضى تلقى سخرية أفراد الجماعة -حتى لو كانت تصريحات وطنية تتحدث عن القضايا الوطنية وقيم المعارضة المصرية- كان أفراد الجماعة فى ما بينهم يتهمون المهندس أبو العلا بعدم الفهم، تماما كما يفعلون هذه الأيام مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وفى لقاء من لقاءات أسرتى الإخوانية قرأت لأفراد الأسرة رأيا فى قضية وطنية وقلت إن هذا الرأى قاله المستشار مأمون الهضيبى لإحدى الصحف، فإذا بكل أفراد الأسرة يمتدحون هذا الرأى ويقولون إنه يدل على عقلية فذة لا تتكرر، وإن هذا الرأى لا يستطيع أحد من غير الإخوان أن يقوله بمثل هذه القوة ورجاحة العقل، ثم قرأت لهم تصريحا آخر وقلت لهم إن هذا التصريح قاله المهندس أبو العلا ماضى فسخروا من رأيه وضحكوا من سذاجته، وهنا أخرجت لهم الصحيفة التى فيها التصريحان، وكان التصريح الأول الذى امتدحوه والذى نسبته إلى المستشار مأمون فى حقيقته صادر من المهندس أبو العلا ماضى، والتصريح الثانى الذى سخروا منه كان صادرا فى الحقيقة من المستشار مأمون الهضيبى! ولا أحدثكم عن الغضب واللوم الذى نلته والذى وقع على رأسى، ولكن كانت هذه الأيام هى الأيام الأخيرة لى فى الجماعة فقد أيقنت أن الموازين الفكرية لها قد أصابها الخلل، وكنت وقتها قد التحقت بالفعل بمجموعة حزب الوسط، هذه قصة أرويها ليعرف الناس كيف يفكر الإخوان، وأظن أن الوثيقة التى نشرتها «التحرير» قد أظهرت كيف يفكر قادة الإخوان وكيف يشوهون عقول أفراد جماعتهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
برلمانيون: الإخوان يلعبون لمصلحتهم
«الإخوان لا يعرفون إلا مصلحتهم» هكذا اتفق عدد من البرلمانيين فى تعليقهم على المعلومات الخطيرة المفزعة الواردة فى الوثيقة الإخوانية السرية، التى كشفت عنها «التحرير» فى عددها الصادرمايو2012
رئيس لجنة الشؤون العربية فى مجلس الشعب، النائب محمد السعيد إدريس، قال إن انصياع شباب الإخوان للوثائق التى تخرج عن مكتب الإرشاد هو أمر لا جدال فيه، لأن شباب الإخوان انتموا إلى الجماعة على أسس معلومة، أولها وأهمها على الإطلاق قبول الأوامر، فالعلاقة بين قادة الجماعة والأعضاء هى علاقة السمع والطاعة، ولا يمكن لأى من أعضاء الجماعة سواء شبابا أو شيوخا أن يرفضوا أى من قرارات الجماعة أو يخرجوا عنها، وإلا خرجوا عن الجماعة نفسها وأصبحوا بذلك منشقين.
إدريس طالب جميع القوى السياسية، سواء كانوا علمانيين أو يساريين أو إخوانا أو سلفيين، بأن يتكاتفوا ضد كل الأطراف، التى تتواطأ على الثورة داخل مصر أو خارجها، استنادا إلى أن التشتت بين من سينزل إلى الميدان ومن يستكمل المسيرات والمظاهرات السلمية من جهة، وبين من يلتزم بعدم التظاهر وعدم النزول إلى الشارع مجددا من جهة أخرى، إنما يخلق تناحرا غير محمود، ويعطى الفرصة للفلول والتيارات المضادة للثورة أن تتلاعب بالثورة وبالثوار، مشيرا إلى أنه من الأفضل أن لا تلاحق القوى والتيارات السياسية المختلفة بعضها البعض، أو تتبع أخطاء بعضها وتنشغل عن الهدف الأساسى لمصر، وهو استعادة الثورة المسروقة وتحقيق أهدافها.
من جانبه، قال النائب محمد أبو حامد، ، إنه ليس بغريب على جماعة الإخوان أن تضع دراسة أو وثيقة موجهة إلى أعضائها الشباب ممن نزلوا إلى الميدان، من أجل أن تعيدهم إلى جعبتها من جديد، وهو ما يتم مع منطلق أن الجماعة لا تتحرك إلا تبعا لمصلحتها ومطامعها فقط، ومن ثم يترك قادتها الشباب يشاركون فى الفاعليات الثورية المختلفة، إذا رأوا أن وجودهم فى الشارع سوف يجلب لهم المزيد من المكاسب، وهو ما يتغير إذا استشعروا أن صفقتهم مع من يريد قمع المظاهرات حتى وإن كانت سلمية هى الرابحة.
أبو حامد لفت إلى أن استخدام الجماعة سلاح الدين أمر بديهى، لأنه من الأساس هو الرابط الوحيد المؤثر بينها وبين الناس، وقد نجح قادة الجماعة فى جذب الشباب إليها من جديد بدلا من مشاركتهم فى الثورة عبر تلك الوثيقة، التى لا تُعَد سوى أداة من أدواتهم التى يستخدمونها من أجل مصلحتهم، مشيرا إلى أن تلك الوثيقة أتت بثمارها وجعلت شباب الجماعة يقفون ضد المظاهرات دون إعمال للعقل من جانبهم، ولكن فقط انصياعا منهم لقرارات الجماعة. من جانبه، قال النائب محمد عوف، عن حزب غد الثورة، الذى خاض انتخابات مجلس الشعب الماضية، ضمن قائمة التحالف الديمقراطى من أجل مصر، بقيادة الإخوان، وحزبهم الحرية والعدالة، اعتبر أن تلك الوثيقة هى أمر خاص بالجماعة دون غيرها، وهو أمر داخلى لا شأن لأى من القوى الأخرى به، وقال نحن الآن أمام أمر أخطر كثيرا من الوثيقة، وهو تفتت القوى السياسية وتشتتها عن الوجهة الواحدة، مشيرا إلى أن الوثيقة التى تدعو إلى عدم النزول فى المظاهرات السلمية، تعنى أن القوى السياسية المختلفة لن تتكاتف بعضها مع بعض، فى حين أننا مقبلون على انتخابات رئاسية يمكن أن يستغل مرشحو الفلول هذا التشتيت ليصلوا إلى الحكم.
حبيب: الوثيقة تتنافى مع أفكار الإخوان
نائب المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد حبيب، يستبعد أن تكون تلك الوثيقة السرية، صادرة عن الجماعة، وبدا أكثر ميلا لفرضية استحالة تداولها فى الجماعة، لافتا إلى أن تلك المعلومات المنشورة فى الوثيقة تتنافى مع أفكار ومبادئ وأساليب الإخوان بشكل أو بآخر، لكنه شدد على أنه فى حال التأكد من صحة تلك الوثيقة، فإنه سيكون لها عديد من النتائج، وستحتاج إلى مراجعة ما ورد فيها. «لا أثق فى دقتها، ولا أتصور أن تتم بتلك الصورة والآلية»، تلك هى قناعة حبيب عن الوثيقة، لافتا إلى أن مناقشة الأفكار والمعلومات والحقائق المفزعة التى تتعلق بالجماعة، تتطلب التقصى الشديد والتحقق من مصدرها.
حبيب نوه إلى أن الإخوان كثيرا ما كان يُزج بهم فى السجون والمعتقلات، وكان من أساليب المواساة بينهم، أن يقول بعضهم لبعض «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة»، مثلما كان يقال للسلف الصالح، وجميعها كانت أساليب بغرض المواساة وتهدف إلى الوقوف بجوار الشخص السجين وليست لأغراض دينية، مشيرا إلى أن التيار الإسلامى، خصوصا الإخوان، خذلوا كل القوى الثورية فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، لتحقيق مصالحهم الشخصية، رغم أن القوى الثورية الضاغطة كانت هى الوقود الفعلى ضد المجلس العسكرى، ولا يمكن إنكار تلك الحقيقة، ولكن باقى المعلومات الواردة فى الوثيقة فى غاية الخطورة وينبغى مراجعتها والتحقق منها.
البر: الوثيقة كاذبة
كما كان متوقعا لم تتردد جماعة الإخوان المسلمين من التبرؤ ونفى صلتها بوثيقة الرعب التى كشفت عنها «التحرير» فى احد اعدادها . الوثيقة منسوبة للإخوان بغير وجه حق، هذا ما أكده عضو مكتب إرشاد الإخوان المسلمين ومفتى الجماعة الحالى، الدكتور عبد الرحمن البر، مشيرا إلى أن الجماعة لم يصدر عنها مثل هذه الأقاويل، التى وصفها البر بـ«المختلقة».
البر قال إن وثيقة «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» ليست صحيحة جملة وتفصيلا، ولا يجد فيها من حديثه سوى بعض الجمل البسيطة، التى وردت فى مقال له بعنوان «المشروع الإسلامى لماذا؟»، وأضاف «أما دون ذلك فهو كذب وافتراء». تجهيل المصدر يؤكد أن صاحب هذه الوثيقة كالسارق. قال البر، مشيرا إلى أنه «ما دام أن القيادى سابق فى الجماعة فلماذا خشى من ذكر اسمه؟». وأكد القيادى الإخوانى أن هذه محاولات فاشلة للنيل من الجماعة، وزعم أن هذه المحاولات لن تنجح، لأن الإخوان ملتحمون بالشعب، مشددا على أن الشارع يستطيع أن يميز الكذب المفترى به على الإخوان، حسب تعبيره.
وأضاف البر «الكذب ليس له قدم يسير عليها»، مشددا على أنه «من الكذب أن يقال إننى كتبت الوثيقة بخط يدى، ووقعت عليها، ولا توجد مذكرة فى الإخوان يتم توقيعها، كما أننى أكتب ما أقدمه من مقترحات على جهازى الخاص، ولا يتم مراجعته لغويا أو تصحيحيا لأننى أقوم بذلك».
قيادات حزبية: ما ذكر فى الوثيقة ليس غريبا عن فكر الإخوان
فى وقت حرج تظهر وثيقة الرعب الإخوانية التى كشف عنها أحد القيادات السابقة فى جماعة الإخوان المسلمين، لتظهر ما يضمر قياداتها من أفكار عن الدولة التى يسعون إلى السيطرة عليها، مستخدمين فى ذلك كل الأساليب فى سبيل الوصول إلى الهدف الأكبر.
كما كشفوا أيضا عن نظرتهم إلى باقى التيارات السياسية وأفراد المجتمع وللقيادات الحزبية، التى اعتبرت أن الوثيقة زادت المخاوف التى استشعرتها القوى المدنية والسياسية قبل ذكرها فى الوثيقة.
عضو المكتب السياسى والمتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، أحمد خيرى، وصف هذه الوثيقة بالخطيرة، قائلا «إن صحت فالأمر يحتاج إلى وقفة جادة لأنها تعنى أننا مقبلون على كارثة حقيقية، وأن جماعة الإخوان لا تريد دولة ديمقراطية أو تداول سلمى للسلطة، وإنما تسعى إلى إقامة دولة دينية ودولة الخلافة»، لافتا إلى أن الوثيقة أكدت تقسيم المجتمع إلى جماعة يصح إسلامها هى جماعة الإخوان وأبنائهم، وأن باقى المجتمع فى نظرهم إسلامه منقوص.
خيرى قال «كلنا إسلامنا منقوص بالنسبة إليهم وأبناء الإخوان إسلامهم كامل أو إسلام مستسلم كما يقولون، وهى نفس أفكار سيد قطب وقيادات الجماعة الأوائل فمن يقرأ فى أدبيات الإخوان لن يجد ما ذُكر فى الوثيقة أمر غريب على فكر الإخوان وسياساتهم»، مطالبا الإخوان بالمصارحة والكشف عن حقيقة انتماء هذه الوثيقة إليهم»، وشدد خيرى على أن الشعب يحتاج إلى سنوات أخرى من الجهاد ضد الحكم الدينى، متوقعا أن يعود الشعب قريبا إلى ميدان التحرير «لإسقاط الفاشية الدينية الإسلامية».
رئيس حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الدكتور محمد أبو الغار، فقال أنه ليس متأكدا من صحة الوثيقة، ولا بد من دليل واضح لخروجها على جماعة الإخوان، قائلا «ولكنها إن كانت صحيحة بالفعل فهذا أمر متوقع وأشياء نعرفها عنهم، ونتخيلها إن لم نعرفها، ومن الجيد أنها ظهرت فى مثل هذا التوقيت الحرج»، متوقعا أن يكون لها تأثير ضخم سيغير نظرة الناس لهم فى الانتخابات لو وصلت إليهم، وعن ردود أفعال القوى السياسية عما نشر فى الوثيقة، قال أبو الغار «إحنا ناس مسالمين لا نتعامل بالعنف، ولكن بالكلام».
أبو الغار أضاف أن المشكلة الحقيقية مع الإخوان أنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، ويعطون وعودا للجميع لن ينفذوها، مضيفا «فى النهاية هايضحكوا على الناس كلها».
القيادية فى الحزب الاشتراكى المصرى، كريمة الحفناوى، أكدت أنها لا تستغرب إطلاقا أن تكون الوثيقة صادرة بالفعل عن الجماعة، فسلوكهم يشرح ما ورد فى الوثيقة دون الحاجة إلى كتابته فى كلمات، فهم يقومون بكل شىء لتحقيق مصالحهم الخاصة فقط من خلال إقناع أقرانهم داخل الجماعة ومريديهم خارج الجماعة باستخدام الدين ولىّ عنق الآيات القرآنية والفتاوى الدينية، ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة لتبرير أفعالهم ومواقفهم المتخاذلة منذ الثورة وحتى الآن، واستخدام وسائل غير شرعية بعيدة عن الدين. الحفناوى أكدت أن هذه الوثيقة إنما كشفت سلوك الإخوان المتجذر فيهم ومتاجرتهم باسم الدين، وهم فى ذلك لا يقلون إثما وفسادا عن المتاجرين بأفكارهم السياسية أو بدماء الشهداء، وهو أمر لا يتفق مع الدين والأخلاق والضمير.
وأضافت الحفناوى أن الإخوان يتعاملون كما يقول المثل الشعبى «ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى، فهم يقومون بتشويه التيارات الليبرالية والاشتراكية ويتهموننا بالكفر وأشياء أخرى كالعمالة والتمويل من الخارج وكأن الله أعطاهم صكا بأنهم وحدهم المسلمون، ويكفرون من دونهم فهل هذا من الإسلام؟!».
بينما قال عبد الغفار شكر، القيادى فى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إن الإخوان لا يخفون أنهم يسعون بكل الوسائل لتمكين دولة الإسلام ويجيشون ويحشدون للمشروع الإسلامى، مضيفا أنه لا يستطيع التعليق على الوثيقة نفسها لأن الفترة الحالية حرجة، وفيها حرب إعلامية على الجميع، قائلا «لا أعتقد أنها ستؤثر على موقفهم فى الانتخابات. فماكينة الانتخابات دائرة، ولديهم قدرات ضخمة على الحشد والتجييش».