: التنظيم الخاص و جرائمه
تميزت جماعة الإخوان المسلمين عن غيرها من القوى السياسية المعاصرة بعلامتين مميزتين أساسيتين : البيعة والجهاز السري وقد بايع الأتباع إمامهم بيعة كاملة في المنشط والمكره، وعاهدوه على السمع والطاعة ، ولم يكن حسن البنا يخفي ذلك على الناس، فهو لم يكن يقبل منهم بأقل من السمع والطاعة، دون نقاش.
فيقول : "يجب على الأخ أن يعد نفسه إعداداً تاماً ليلبي أمر القائد في أية ناحية، إن الدعوة تتطلب منا أن نكون جنوداً طائعين بقيادة موحدة، لنا عليها الاستماع للنصيحة، ولها علينا الطاعة، كل الطاعة في المنشط والمكره" وأيضاً "يتعين على العضو الثقة بالقائد والإخلاص والسمع والطاعة في العسر واليسر" .
فمنذ البداية دب الخلاف في شعبة الإسماعيلية، وحاول البعض التمرد على البنا وأبلغوا النيابة العامة ضده في مخالفات مالية، فكان رد فعل البنا عنيفاً، فقد جمع عدداً من أتباعه حيث "اعتدوا على المخالفين بالضرب".ويعترف البنا بذلك ويتباهى به ويبرره بأن "المخالفين قد تلبسهم الشيطان وزين لهم ذلك، وأن من يشق عصا الجمع، فاضربوه بالسيف كائناً من كان" ويتأسف البنا على رفض البعض لضرب المخالفين وردعهم قائلاً : "إننا قد تأثرنا إلى حد كبير بالنظم المائعة التي يسترونها بألفاظ الديموقراطية والحرية الشخصية
الشباب المتدين المتحمس لاهداف الجماعه كان من السهل تنظيمه سريا في مليشيات عسكريه (في عهد الشيخ حسن البنا ) مجهول مصدر تميلها(( و ان كانت الجماعه كانت تتلقي تبرعات سخيه من شركة قناة السويس و من السفارة البريطانيه ثم الملك)) .. وكان صاحب فكرة مليشيات الاخوان ذوى القمصان السوداء (هل تتذكرون قضية ميليشيات الازهر؟؟؟) ضابط سابق بالجيش اسمه محمود لبيب الذى استعان ببعض الضباط الالمان في البدايه حتي اشرف عليه (اى النظام السرى ) الاستاذ صالح عشماوى لخبرته بجميع مسالك و مخابىء جبل المقطم . النظام السرى تشكل بعد ذلك علي اساس الخلايا و المجموعات ..حيث كل خليه تتكون من خمسة اشخاص ويرأسها عضو لا يتصل الا بهم و لكل عشرة من رؤساء الخلايا مجموعه يرأسها عضو لا يتصل الا بهم وهذه المجموعه لها مسئول اخر بمعني ان هذا النظام يتدرج هرميا(كعنقود العنب ) حتي يصل الي الرئيس الفعلي للجهاز المجهول من خلاياه .
رأس هذا الجهاز بعد صالح عشماوى كل من عبد الرحمن السندى و يساعده فايز عبد المطلب حتي عهد به الاستاذ الهضيبي (المرشد التالي لحسن البنا ) الي اليوزباشي صلاح شادى ثم يوسف طلعت الذى كان له دور واضح مع رجال يوليو و خصوصا ناصر و السادات .
اعضاءالتنظيم السرى تزايد اعدادهم عن قصد متبعين نفس اسلوب النازى في تكوين مليشيات- يسيطر بها علي مراكز الحكم -تجوب الشوارع بقمصانها السوداء تحت شعار ((علموا اولادكم الرمايه و السباحه و ركوب الخيل )) و مخفين السبب الحقيقي لتكوين الجهاز السرى حتي لا يتفرق المتعاطفين من حولهم.
لكن سرعان ما كشفوا عن الوجه القبيح عام 1947 اى بعد ربع قرن من تكوين و انتشار الجماعه( التي قرأنا اهدافها المعلنه أعلاه ) فلقد اطلقت شعارات جديده _كما يحدث خلال تاريخها منذ البدايه و حتي بعد 11 فبراير 2011 تتمسكن حتي تتمكن _( الاسلام دين و دوله و عبادة و قيادة )) و بدا الارهاب و الاغتيالات وتضليل المسلمين بدعوى أن كل من يقاوم الاخوان يخرج عن الاسلام و يحل دمه و أمواله ثم بدأ مسلسل التدمير بانفجار(( بمبني شركة المعاملات الاسلاميه)) كشف عن كميات هائله من الاسلحه و الذخيرة المشونه باسلوب خاطىء ادى الي انفجار مهول في الساعه العاشره مساء يوم 20 فبراير 1948 بالمنزل رقم 76 شارع محمد علي .. اصيب في الحادث تسعه اشخاص و تم التحقيق مع حسن البنا فانكر علمه بوجود ذخيرة و مفرقعات بمخزن شركته و أرجعها لسوء تصرف العاملين بها .
: جريمة قتل القاضي الخازندار
في حوالي الساعه السابعه و النصف صباحا يوم 22 مارس 1948 و بعد أن غادر الاستاذ احمد بك الخازندار و كيل محكمه الاستئناف منزله في طريقه الي محطه مترو حلوان اعترضه شخصان و اطلقا عليه عدة اعيره ناريه من مسدسين فاصيب بخمسه رصاصات و توفي في الحال عندما حاول البعض ضبطهما فجرا قنبله يدويه في المواطنين قبل ان يقبض عليهما و يتضح انهما محمود زينهم طالب بالصنايع و حسن محمد طالب مفصول و الجانيان من جماعه الاخوان قتلا القاضي لانه حكم في غير صالح الاخوان فحق عليه القصاص .
يستند الكاتب "عبد الرحيم علي"
في سرده لقضية اغتيال القاضي" أحمد الخازندار" في 2 مارس 1948، إلى شهادة "عبد العزيز كامل" الذي حضر محاكمة عبد الرحمن السندي أمام حسن البنا في جلسة خاصة للجماعة عقب مقتل الخازندار، باعتباره المسئول عن مقتله ومن أعطى أوامر الإغتيال لكل من "محمد زينهم، وحسن عبد الحافظ"، حيث تبرأ كل من البنا والسندي من مسئوليتهم عن الحادث وقال البنا أن الأمر لم يتعدى أمنية خاصة لدية للتخلص من الخازندر فاعتبر "السندي" أن أمنيات المرشد "البنا" أوامر واجبة التنفاليذ!!
: سبب قتل الخازندار
ونستطيع أن نرجع عداء الإخوان الشديد للخازندار نتيجة لمواقفة من قضايا سابقة أدان فيها بعض شباب الإخوان لاعتدائهم على جنود بريطانيين في الإسكندرية في 22 نوفمبر 1947، وحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤيدة ثم أفرج عنهما لعدم كفاية الأدلة، كما حكم على المتهمين من الإخوان وفقاً لشهادة "أحمد مرتضى المراغي" مدير الأمن العام آنذاك، في القضية الخاصة بمحاكمة الإخوان بتهمة حيازة متفجرات وأسلحة بالأشغال الشاقة المؤبدة، على الرغم من تهديدات القتل التي وصلت إليه، والتي وجهت لعدة دوائر قضائية تنقلت بينها القضية، وهو ما اعتبره الإخوان تحدي لإرادتهم يستوجب تصفيته الجسدية
وفي كتاب (النقط فوق الحروف-الإخوان المسلمون والنظام الخاص)، يشرح "أحمد عادل" تحت عنوان "الخازندار في خبر كان" الأسباب وراء اغتيال "الخازندار" من وجهة نظر إخوانية، فيقول لقد أثبتت تصرفات الخازندار تجاه الإخوان انحيازه للاحتلال الانجليزي، مضيفاً أن قرار اغتياله قد تأخر نتيجة عدم توفر معلومات كافية عن مكان إقامته ويواصل شارحاً كيفية تنفيذ عملية الإغتيال وإدعاء "حسن عبد الحافظ" للمرض العصبي ومحاولات تهريب المتهمين بعد صدور الحكم عليهما بالأشغال الشاقة المؤبدة
ارجو ملاحظه اسباب الاغتيال و الارهاب الذى سيحدثه بعد ذلك بين القضاه .. و نوع البشر الذين يغسلون عقولهم و يوجهونهم نحو تحقيق اهداف التنظيم و مقارنه ذلك بما اصبح سياسه للجماعات المنبثقه عنهم كالتكفير و الهجرة ، الجهاد ، القاعدة ، وغيرها من التنظيمات التي روعت العالم بما في ذلك السعوديه و اليمن و لا زالت تدمر في العراق و افغانستان .
ثم توالت الانفجارات .. يوم 6/4/1948 انفجرت قنبله بوزارة الداخليه من النوع الايطالي ( كانت ايطاليا موسيليني الفاشستي ) بعدها بثلاث شهور 28 / 7 انفجار اخر في محل داود عدس بشارع عماد الدين و سط القاهرة ، ثم بنزايون ثم شركة اراضي الدلتاالمصريه ثم محلات جاتنيو فحاره اليهود فحاره اليهود ثانيا فشيكوريل فشركة الاعلانات الشرقيه ووجد رجال البوليس سيارة جيب مملوءة بالديناميت 18 نوفمبر 1948 و الوثائق التي تثبت وجود مؤامرة يعمل الاخوان علي تنفيذها.. ثم مع بدايه 1949 محاوله نسف محكمة مصر .. ثم تتابعت الاحداث و كثرت الانفجارات و اصبح كل مواطن يخشي مغادرة منزله اى ان هذا هو اسلوب الجماعه منذ منتصف القرن الماضي و حتي اليوم الارهاب بواسطه الانفجارات في اماكن يرتادها مواطنين مسالمين و سيارات مفخخه تفجر في اماكن حساسه .
في 8 ديسمبر 1948 اصدرت حكومه السعديين قرارا بحل الجماعه التي خرجت عن غايتها و لجأت الي طريق الارهاب و الاغتيال و القرصنه صدرت مذكرة عبد الرحمن عمار المرفوعة إلى مجلس الوزراء بشأن طلب حل جماعة الإخوان المسلمين على قرار اتهام طويل يعيد إلى الأذهان كل أعمال العنف التي ارتكبتها الجماعة، حتى تلك التي ارتكبتها بإيعاز من السلطات ولخدمة مصالحها.
فمن بين التهم الثلاث عشرة التي ساقتها المذكرة نجد:
1. أن الجماعة كانت تعد للإطاحة بالنظام السياسي القائم وذلك عن طريق الإرهاب مستخدمة تشكيلات مدربة عسكرياً هي فرق الجوالة.
2. مسئولية الجماعة عن مقتل أحد خصومها السياسيين (وفدي) في بورسعيد.
3. مسئولية الجماعة بحيازة أسلحة ومفرقعات ومتفجرات (حادث المقطم – مستودع السلاح بعزبة الشيخ محمد فرغلي – ضبط مصنع للمتفجرات بالإسماعيلية).
4. نسف فندق الملك جورج بالإسماعيلية .
5. نسف العديد من المنشآت التجارية المملوكة لليهود.
6. الاعتداء على رجال الأمن أثناء تأدية وظيفتهم.
7. إرهاب أصحاب المنشآت التجارية وتهديدهم بهدف الحصول على "تبرعات" و"اشتراكات" مدفوعة مقدماً لصحيفة الجماعة.
8-كما استندت الحكومه الي الوثائق التي عثرت عليها في العربه الجيب بعد ذلك بعشرين يوم 28 ديسمبر 1948 الساعة 10 صباحا
: اغتيال النقراشي باشا
اغتيل محمود فهمي النقراشي باشا رئيس الوزراء و هو قاصدا مصعد وزارة الداخليه (( عبد المجيد احمد حسن الطالب بسنه ثالثه طب بطرى )) اطلق عليه من الخلف ثلاثة رصاصات اردته قتيلا يروى الكاتب "عبد الرحيم علي" في كتابه ( الإخوان المسلمون- قراءة في الملفات السرية) عن حادثة اغتيال النقراشى ففي نص خطاب "حسن البنا" إلى الملك والذي راح يحرض فيه "السراي" ضد النقراشي في 6 ديسمبر 1948 مطالباً منه اتخاذ إجراء ضد حكومة النقراشي وعزلها عن السلطة لاتخاذها إجراءات سافرة ومتعسفة تجاه الإخوان،وإصدار الرقيب العام لأوامره بتعطيل جريدة الإخوان الرسمية، وعندما حول الملك الخطاب لـ"ابراهيم عبد الهادي"رئيس الديوان والذي حوله بدوره إلى "النقراشي"، فتوجه "البنا" بخطاب إلى "عبد الرحمن بك عمار" وكيل وزارة الداخلية يبدي فيها استعداده للعودة بعمل الجماعة إلى خدمة الدين ونشر تعاليمه والبعد التام عن اي عمل سياسي وانهم يبتغون رضاء الحكومة، وانه في انتظار تعليمات النقراشي ويبدي رغبته في التعاون مع الحكومة، مديناً كل حوادث العنف التي تورط فيها مندسين انضموا إلى الإخوان.ويدعم الكاتب تحليله بنص محاضر التحقيق مع المتهمين باغتيال النقراشي بالإضافة إلى بعض كتابات الإخوان عن تلك الحادثة، ففي حين أشار بعض الإخوان إلى عدم علم "البنا" بمقتل النقراشي وانها قد تمت على يد عصابة منتمية إلى الإخوان بقيادة "سيد فايز" وهو المخطط الرئيسي للحادث والتلميذ النجيب لـ "البنا"، فقد أكدت معظم كتابات الإخوان على أن "فايز" لم يكن له أن يتخذ اي قرار دون علم البنا ويقول "محمود الصباغ" وهو أحد كبار أقطاب جماعة الإخوان والمتورط في قضية (السيارة الجيب) بأنه لا يمكن اعتبار قتل النقراشي من حوادث الإغتيالات السياسية، فهو عمل فدائي صرف قام به أبطال الإخوان المسلمين، ويضيف "الصباغ" انه تحت عنوان (سَرية الشهيد الضابط أحمد فؤاد) تم تكوين مجموعة تستهدف قتل النقراشي بقيادة "السيد فايز"، والغريب أن " السيد فايز" قد تم قتله فيما بعد على يد نفس التنظيم الذي كان يقوده بواسطة علبة حلوى مفخخة، الأمر الذي يدل على خيانتهم وانعدام مبادئهم حتى تجاه بعضهم البعض وفي سياق متصل يؤكد المتهم الأول في قضية اغتيال النقراشي " عبد المجيد أحمد حسن"، انه في أحد اللقاءات التي ضمت باقي المتهمين في القضية والسيد فايز في منزله أبلغهم "فايز" انهم أصبحوا يكونون مجموعة جديدة سيتم تدريبها على استخدام الأسلحة استعداداً لعملية هامة، ويواصل في نفس السياق " محمد مالك يوسف" المتهم الثاني في نفس القضية قائلاً أن "محمد صلاح الدين عبد المعطي" قد أخبرهم بعد صدور قرار النقراشي بحل الجماعة في 8 ديسمبر 1948، بأن جمعية شباب المسلمين التابعة للإخوان قد اعتزمت على أن تقتص من "النقراشي" و عبد الرحمن عمار" ، ويضيف "عبد المجيد" أن "محمد مالك" قد أبلغه بأنه قد وقع الاختيار عليه لإغتيال "النقراشي"، ويقول "أحمد عادل كمال" في تعليقه على الحادث، بأن "النقراشي" قد ارتكب حماقة قد عرضته لما أصابه عندما وقع أمراً بحل الجماعة، وفي تعليقه على وصف صحيفة التايمز لحادث النقراشي بأنه عمل سوء، يقول "أحمد عادل" (في أول العام قُتل أحد القضاة ممن حكموا على أفراد الجماعة وهو يقصد هنا "الخازندار" ، ولقد لقى "النقراشي" حتفه بعد اعتباره أن الإخوان خطراً يستوجب بناء عليه حل الجماعة ‘فكان هذا جواب الإخوان عليه)، ويواصل في تقييمه للمستشار "محمد منصور" المسئول عن التحقيق في القضية، منتقداً أداءه لأنه أراد ضم قضية السيارة الجيب والنقراشي في قضية واحدة، مؤكداً انه لم يكن عادلاً عندما حكم بالإعدام على "محمد عيسوي" الذي اغتال "أحمد ماهر" في فبراير 1945، واصفاً إياه باستخدامه للبوليس السياسي للضغط على المتهمين واصطناع الشهود وشرائهم، ويقارنه برئيس المحكمة في قضية السيارة الجيب "أحمد كامل" الذي كان متفهماً للدعوى وأهداف الجماعة فكان مقتنع ومتجاوب معها ووصف الإخوان بأنهم شباب وطني بينما وصفهم "محمد منصور" بالإجرام والإرهاب... ابراهيم عبد الهادى رئيس الوزراء التالي و السيد حامد جودة رئيس مجلس النواب حاول فريق من الاخوان اغتيالهما وقبض علي مرتكبي الحادث و استطاع البوليس أن يعثر علي عدة اوكار كانت مشحونه بالديناميت و القنابل و مفرقعات اخرى وقد سجن في هذه القضايا أكثر من مائتين من الاخوان و اعتقل أكثر من اربعه الاف في معتقلات الهاكستب و الطور و عيون موسي .. حكومة الوفد افرجت عنهم بعد ان فازت بالانتخابات التاليه يناير عام 1950 .
:اغتيال احمد ماهر باشا
في24 فبراير1945 كان أحمد ماهر باشا متوجها لمجلس النواب لإلقاء بيان من هناك, وأثناء مروره بالبهو الفرعوني قام شاب يدعي محمود العيسوي بإطلاق الرصاص عليه وقتله في الحال.
بعد الحادث ألقي القبض علي حسن البنا وأحمد السكري وعبد الحكيم عابدين وآخرين من جماعة الإخوان, والتي كان العيسوي عضوا فيها, ولكن بعدها بأيام تم الإفراج عنهم بسبب اعتراف العيسوي بانتمائه للحزب الوطني.
وبعد الإفراج عن قيادات الجماعة لم يذكر أي أحد منهم علاقته بالعيسوي, ولكن في سنوات لاحقة ثبتت علاقة الجماعة بالعيسوي, ونعرض هنا لشهادة الشيخ أحمد حسن الباقوري التي خطها بيده في كتابه بقايا ذكريات ــ الطبعة الأولي ــ الناشر: مركز الأهرام للترجمة والنشر ــ ص49 والتي قال فيها وأما النظام الخاص فلم يكن المنتسبون إليه معروفين إلا في دائرة ضيقة ولآحاد معروفين, وقد كان لهؤلاء اجتماعاتهم الخاصة بهم, وربما كانوا يعملون في جهات مختلفة يجهل بعضها بعضا جهلا شديدا, ومن سوء حظ الدعوة أن هذا النظام الخاص رأي أن ينتقم لاسقاط المرشد في الانتخابات بدائرة الاسماعيلية, وكان من أشد المتحمسين لفكرة الانتقام هذه محام شاب يتمرن علي المحاماة في مكتب الأستاذ عبد المقصود متولي, الذي كان علما من أعلام الحزب الوطني, وهو المحامي الشاب محمود العيسوي, فما أعلنت حكومة الدكتور أحمد ماهر باشا الحرب علي دول المحور لكي تتمكن مصر ــ بهذا الإعلان ــ من أن تمثل في مؤتمر الصلح إذا انتصرت الديمقراطية علي النازية والفاشية.
رأي النظام الخاص أن هذه فرصة سنحت للانتقام من رئيس الحكومة, ووجه محمود العيسوي إلي الاعتداء علي المرحوم أحمد ماهر باشا, فاعتدي عليه في البرلمان بطلقات سلبته حياته التي وهبها لمصر منذ عرف الوطنية رحمه الله رحمة واسعة.
ويأتي بعد ذلك الصباغ, والذي كان واحدا من رجال التنظيم الخاص ليذكر أن أحمد ماهر خائن ولا يختلف علي ذلك أثنان ــ علي حد تعبيره ــ ولكن الإخوان لم يجيزوا قتله!!!.
ولم يمنعهم هذا من دراسة وتحضير خطة لاغتياله حتي يقوموا بها إذا تطورت الأمور, وذكر الصباغ أنه هو شخصيا كان القائم بهذه الدراسة محمود الصباغ ــ حقيقة التنظيم الخاص ــ الطبعة الأولي ــ ص271.
العنف منهج الجماعة:
في سنوات لاحقة لــ1945 قامت الجماعة بأعمال عنف كثيرة انتهت بقرار حل الجماعة, وأعقب هذا القرار اغتيال النقراشي باشا كما ذكرنا في حلقات سابقة, ولم يتوقف الإخوان بعد اغتيال النقراشي ورأوا ان إبراهيم باشا عبد الهادي امتدادا للنقراشي, ومن ثم قرر الإخوان الفدائيون! ــ هكذا يصفهم الصباغ ــ اغتيال إبراهيم باشا, وبالفعل كمنوا له في يوم5 مايو1949 في الطريق إلي رئاسة مجلس الوزراء, وأطلقوا عليه وابلا من الطلقات أصابت بعض المارة, وكذلك الموكب الذي اعتقدوا أنه خاص بإبراهيم باشا, ولكنه كان موكب حامد جودة رئيس مجلس النواب الذي لم يصب بأي أذي, وبعد القبض علي منفذي العملية بدأت محاكمتهم التي استمرت حتي قيام ثورة يوليو, واعتبر بعدها المتهمون أبطال تحرير وصدر عنهم جميعا عفو شامل محمود الصباغ ــ مصدر سابق ص314.
بعد الحادث ألقي القبض علي حسن البنا وأحمد السكري وعبد الحكيم عابدين وآخرين من جماعة الإخوان, والتي كان العيسوي عضوا فيها, ولكن بعدها بأيام تم الإفراج عنهم بسبب اعتراف العيسوي بانتمائه للحزب الوطني.
وبعد الإفراج عن قيادات الجماعة لم يذكر أي أحد منهم علاقته بالعيسوي, ولكن في سنوات لاحقة ثبتت علاقة الجماعة بالعيسوي, ونعرض هنا لشهادة الشيخ أحمد حسن الباقوري التي خطها بيده في كتابه بقايا ذكريات ــ الطبعة الأولي ــ الناشر: مركز الأهرام للترجمة والنشر ــ ص49 والتي قال فيها وأما النظام الخاص فلم يكن المنتسبون إليه معروفين إلا في دائرة ضيقة ولآحاد معروفين, وقد كان لهؤلاء اجتماعاتهم الخاصة بهم, وربما كانوا يعملون في جهات مختلفة يجهل بعضها بعضا جهلا شديدا, ومن سوء حظ الدعوة أن هذا النظام الخاص رأي أن ينتقم لاسقاط المرشد في الانتخابات بدائرة الاسماعيلية, وكان من أشد المتحمسين لفكرة الانتقام هذه محام شاب يتمرن علي المحاماة في مكتب الأستاذ عبد المقصود متولي, الذي كان علما من أعلام الحزب الوطني, وهو المحامي الشاب محمود العيسوي, فما أعلنت حكومة الدكتور أحمد ماهر باشا الحرب علي دول المحور لكي تتمكن مصر ــ بهذا الإعلان ــ من أن تمثل في مؤتمر الصلح إذا انتصرت الديمقراطية علي النازية والفاشية.
رأي النظام الخاص أن هذه فرصة سنحت للانتقام من رئيس الحكومة, ووجه محمود العيسوي إلي الاعتداء علي المرحوم أحمد ماهر باشا, فاعتدي عليه في البرلمان بطلقات سلبته حياته التي وهبها لمصر منذ عرف الوطنية رحمه الله رحمة واسعة.
ويأتي بعد ذلك الصباغ, والذي كان واحدا من رجال التنظيم الخاص ليذكر أن أحمد ماهر خائن ولا يختلف علي ذلك أثنان ــ علي حد تعبيره ــ ولكن الإخوان لم يجيزوا قتله!!!.
ولم يمنعهم هذا من دراسة وتحضير خطة لاغتياله حتي يقوموا بها إذا تطورت الأمور, وذكر الصباغ أنه هو شخصيا كان القائم بهذه الدراسة محمود الصباغ ــ حقيقة التنظيم الخاص ــ الطبعة الأولي ــ ص271.
العنف منهج الجماعة:
في سنوات لاحقة لــ1945 قامت الجماعة بأعمال عنف كثيرة انتهت بقرار حل الجماعة, وأعقب هذا القرار اغتيال النقراشي باشا كما ذكرنا في حلقات سابقة, ولم يتوقف الإخوان بعد اغتيال النقراشي ورأوا ان إبراهيم باشا عبد الهادي امتدادا للنقراشي, ومن ثم قرر الإخوان الفدائيون! ــ هكذا يصفهم الصباغ ــ اغتيال إبراهيم باشا, وبالفعل كمنوا له في يوم5 مايو1949 في الطريق إلي رئاسة مجلس الوزراء, وأطلقوا عليه وابلا من الطلقات أصابت بعض المارة, وكذلك الموكب الذي اعتقدوا أنه خاص بإبراهيم باشا, ولكنه كان موكب حامد جودة رئيس مجلس النواب الذي لم يصب بأي أذي, وبعد القبض علي منفذي العملية بدأت محاكمتهم التي استمرت حتي قيام ثورة يوليو, واعتبر بعدها المتهمون أبطال تحرير وصدر عنهم جميعا عفو شامل محمود الصباغ ــ مصدر سابق ص314.
: محاولة اغتيال جمال عبد الناصر 1954
المنشية عام1954:
كان الإخوان قد وصلوا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلي طريق مسدود, وكانوا قد أعادوا تنظيم النظام الخاص, كما سبق أن أشرنا, وفي اللحظة الحاسمة قرروا التخلص من عبد الناصر, ففي يوم1954/2/26 وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء وقف الرئيس عبد الناصر يلقي خطابا بميدان المنشية بالإسكندرية, وبينما هو في منتصف خطابه أطلق محمود عبد اللطيف أحد كواد النظار الخاص لجماعة الإخوان ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدي باتجاه الرئيس ليصاب شخصيان وينجو عبد الناصر, وحتي هذه اللحظة يصر الإخوان علي أن هذا الحادث لا يخرج عن كونه تمثيلية قام بها رجال الثورة للتخلص من الجماعة, ولكن المتهمين في المحكمة العلنية محكمة الشعب والتي كانت تذاع وقائعها علي الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية قدموا اعترافات تفصيلية حول دور كل منهم ومسئولية الجماعة عن العملية تم جمع هذه المحاكمات ونشرها بعد ذلك في جزءين بعنوان محكمة الشعب وقد شكك الإخوان كثيرا في حيادية هذه المحكمة, لكنهم لم يعلقوا علي ما ورد علي لسان أبطال الحادث في برنامج الجريمة السياسية الذي أذاعته فضائية الجزيرة عبر حلقتين في الثاني والعشرين والتاسع والعشرين من ديسمبر عام2006 والذين تفاخروا ــ من خلاله ــ بالمسئولية عن الحادث,, وأنه تم بتخطيط شامل وإشراف دقيق لقيادات الجماعة.
كان الإخوان قد وصلوا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلي طريق مسدود, وكانوا قد أعادوا تنظيم النظام الخاص, كما سبق أن أشرنا, وفي اللحظة الحاسمة قرروا التخلص من عبد الناصر, ففي يوم1954/2/26 وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء وقف الرئيس عبد الناصر يلقي خطابا بميدان المنشية بالإسكندرية, وبينما هو في منتصف خطابه أطلق محمود عبد اللطيف أحد كواد النظار الخاص لجماعة الإخوان ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدي باتجاه الرئيس ليصاب شخصيان وينجو عبد الناصر, وحتي هذه اللحظة يصر الإخوان علي أن هذا الحادث لا يخرج عن كونه تمثيلية قام بها رجال الثورة للتخلص من الجماعة, ولكن المتهمين في المحكمة العلنية محكمة الشعب والتي كانت تذاع وقائعها علي الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية قدموا اعترافات تفصيلية حول دور كل منهم ومسئولية الجماعة عن العملية تم جمع هذه المحاكمات ونشرها بعد ذلك في جزءين بعنوان محكمة الشعب وقد شكك الإخوان كثيرا في حيادية هذه المحكمة, لكنهم لم يعلقوا علي ما ورد علي لسان أبطال الحادث في برنامج الجريمة السياسية الذي أذاعته فضائية الجزيرة عبر حلقتين في الثاني والعشرين والتاسع والعشرين من ديسمبر عام2006 والذين تفاخروا ــ من خلاله ــ بالمسئولية عن الحادث,, وأنه تم بتخطيط شامل وإشراف دقيق لقيادات الجماعة.
: قضية سيد قطب
في30 أكتوبر1965 أخطرت نيابة أمن الدولة العليا أن جماعة الإخوان المسلمين المنحلة قامت بإعادة تنظيم نفسها تنظيما مسلحا بغرض القيام بعمليات اغتيال للمسئولين تعقبها عمليات نسف وتدمير للمنشآت الحيوية بالبلاد, هادفة من وراء ذلك الاستيلاء علي الحكم بالقوة, وأن التنظيم يشمل جميع مناطق الجمهورية ويتزعمه سيد قطب. كان قطب قد تم الإفراج عنه ــ وقتها ــ بعد وساطة قام بها الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم أثناء زيارته للقاهرة عام1965, إلا أنه كان قد وصل إلي قناعة بأن الحكومة التي تقوم بمثل هذه الأعمال من التعذيب في سجونها, لابد أن تكون كافرة, ومن هذا المنطلق خطط قطب لمواجهة معها تشمل رءوس الحكم, تمهيدا لخلخلة النظام والثورة عليه. وقد تم كشف القضية بالصددفة عبر إبلاغ الشرطة العسكرية والمباحث الجنائية العسكرية أنها ألقت القبض علي مجند, وهو يتفاوض لشراء أسلحة من أحد زملائه بالإسكندرية, وعلي الفور تم القبض عليهما واعترفا بأن هذه الأسلحة لصالح عدد من قادة جماعة الإخوان, ثم توالت الاعترافات, وقدم المتهمون إلي المحاكمة التي قضت بإعدام سيد قطب وستة من زملائه, وسجن ستة وثلاثين آخرين بينهم المرشد العام الثامن للجماعة الدكتور محمد بديع ونائبه الدكتور محمود عزت, واللذان يقومان الآن بالترويج لأفكار قطب, في محاولة لبعث القطبية من جديد, بعدما تبرأ منها الإخوان, عبر كتاب مرشدهم الثاني المستشار حسن الهضيبي, دعاة لا قضاة أوراق القضية رقم12 لسنة1965 المعروفة بقضية سيد قطب
:مقتل السيد فايز
جرت هذه الحادثة العجيبة وفق منطق النار تأكل نفسها إذا لم تجد ما تأكله فعندما قام البنا بتعيين سيد فايز مسئولا عن الجهاز الخاص بدلا من عبد الرحمن السندي قرر الأخير اغتيال أخيه في الدعوة الذي جاء ليزيحه عن مكانه, فأرسل إليه بعلبة من الحلوي في ذكري المولد النبوي الشريف, وعندما حاول سيد فايز فتحها انفجرت في وجهه ومعه شقيقه فأردته قتيلا في الحال, وأسقطت جدار الشقة.
والسيد فايز كان مهندسا للكثير من عمليات العنف التي قامت بها الجماعة من قبل مثل محاولة نسف محكمة الاستئناف واغتيال النقراشي باشا, وغيرها, وعندما علم البنا بمقتل سيد فايز أنكر في تصريحات حادة للصحافة أن يكون مرتكب الحادث من الإخوان المسلمين, واتهم أعداء الجماعة ــ كالعادة ــ بتدبير هذا الحادث, ومرة أخري يأتي الزمان بما لا يشتهي البنا ولا جماعته.
وهذه المرة علي لسان محمود عبد الحليم أحد قادة الجماعة ومؤرخها ورفيق درب البنا, يقول عبد الحليم: كان السندي يعلم أن المهندس سيد فايز ــ وهو من كبار المسئولين في النظام الخاص ــ من أشد الناقمين علي تصرفاته, وأنه وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام في القاهرة علي الأقل من سلطته, وأنه قطع في ذلك شوطا بعيدا باتصاله بأعضاء النظام بالقاهرة وإقناعهم بذلك... وإذن فالخطوة الأولي في إعلان الحرب... وكذلك سولت له نفسه.. أن يتخلص من سيد فايز.. فكيف تخلص منه؟.
ونواصل مع كلام عبد الحليم تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله... انتهز فرصة حلول ذكري المولد النبوي الشريف, وأرسل إليه في منزله هدية, علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه, ولم يكن الأخ سيد في ذلك الوقت موجودا بالمنزل, فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته, وقتلت معه شقيقا له, وجرحت بقية الأسرة وهدمت جانبا من جدار الحجرة, وقد ثبت ثوبتا قاطعا أن هذه الجريمة الأثيمة الغادرة, كانت بتدبير هذا الرئيس... وقد قامت مجموعة من كبار المسئولين في هذا النظام بتقصي الأمور في شأن هذه الجريمة وأخذوا في تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتي صدر منه اعتراف ضمني. أرأيتم ماذا تفعل التربية الإخوانية للإخوانيين أنفسهم, حتي لتنطبق عليهم قولة الرسول الكريم أخشي أن تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وهذا ما فعله الإخوان بالضبط.
الثورة والإخوان والعنف:
(1) المثير للدهشة, وبينما كان يردد الإخوان أن جهازهم الخاص أنشيء من أجل محاربة الصهيونية ومواجهة الإنجليز, وبعد خروج الإنجليز من مصر وقيام حكومة تحارب الصهيونية1954 كان الجهاز السري يعزز وجوده, بل ويلقي بظلاله علي الجماعة كلها, فقد كون المرشد قبيل سفره إلي الأقطار العربية في أوائل يوليو1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان, بما يلزم مما تهيئه قدراتهم علي ضوء الأحداث وهذا طبيعي, لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة, فاللجنة مكونة من يوسف طلعت قائد الجهاز السري صلاح شادي المشرف علي الجهاز السري وقائد قسم الوحدات, وهو جهاز سري أيضا والشيخ فرغلي صاحب مخزن السلاح الشهير بالإسماعيلية ومحمود عبده وكان من المنغمسين في شئون الجهاز السري القديم محمود الصباغ ــ مصدر سابق ص314. ماذا كان يريد المرشد العام الثاني إذن, وإلي ماذا كان يخطط, خاصة أن الجهاز السري الذي زعم حسن البنا ــ ومازال الإخوان يزعمون ــ أنه أسس لمحاربة الاستعمار, قد تغيب تماما عن معارك الكفاح المسلح في القنال1954 وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبي من أي مشاركة فيه, وقال: كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين في الظروف الحاضرة, كأن شباب مصر كله قد نفر إلي محاربة الإنجليز في القنال, ولم يتخلف إلا الإخوان... ولم يجد هؤلاء للإخوان عذرا واحدا يجيز لهم الاستبطاء بعض الشيء... إن الإخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم ــ ليس له حق التعبير عنهم ــ إنهم قد أدوا واجبهم في معركة القنال فإن ذلك غلو لا جدوي منه, ولا خير فيه, ولايزال بين ما فرضه الله علينا من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلي أوقاتها د. رفعت السيد: الإرهاب المتأسلم ــ لماذا ومتي وإلي أين؟ الجزء الأول ص155, مارس2004 الأمل للطباعة.
هذا الكلام نرجو أن يتمعن الدكتور محمد بديع فيه جيدا قبل أن يخرج علينا ليصدعنا بأن النظام الخاص أنشيء من أجل قتال الإنجليز علي ضفاف القناة.
والسيد فايز كان مهندسا للكثير من عمليات العنف التي قامت بها الجماعة من قبل مثل محاولة نسف محكمة الاستئناف واغتيال النقراشي باشا, وغيرها, وعندما علم البنا بمقتل سيد فايز أنكر في تصريحات حادة للصحافة أن يكون مرتكب الحادث من الإخوان المسلمين, واتهم أعداء الجماعة ــ كالعادة ــ بتدبير هذا الحادث, ومرة أخري يأتي الزمان بما لا يشتهي البنا ولا جماعته.
وهذه المرة علي لسان محمود عبد الحليم أحد قادة الجماعة ومؤرخها ورفيق درب البنا, يقول عبد الحليم: كان السندي يعلم أن المهندس سيد فايز ــ وهو من كبار المسئولين في النظام الخاص ــ من أشد الناقمين علي تصرفاته, وأنه وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام في القاهرة علي الأقل من سلطته, وأنه قطع في ذلك شوطا بعيدا باتصاله بأعضاء النظام بالقاهرة وإقناعهم بذلك... وإذن فالخطوة الأولي في إعلان الحرب... وكذلك سولت له نفسه.. أن يتخلص من سيد فايز.. فكيف تخلص منه؟.
ونواصل مع كلام عبد الحليم تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله... انتهز فرصة حلول ذكري المولد النبوي الشريف, وأرسل إليه في منزله هدية, علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه, ولم يكن الأخ سيد في ذلك الوقت موجودا بالمنزل, فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته, وقتلت معه شقيقا له, وجرحت بقية الأسرة وهدمت جانبا من جدار الحجرة, وقد ثبت ثوبتا قاطعا أن هذه الجريمة الأثيمة الغادرة, كانت بتدبير هذا الرئيس... وقد قامت مجموعة من كبار المسئولين في هذا النظام بتقصي الأمور في شأن هذه الجريمة وأخذوا في تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتي صدر منه اعتراف ضمني. أرأيتم ماذا تفعل التربية الإخوانية للإخوانيين أنفسهم, حتي لتنطبق عليهم قولة الرسول الكريم أخشي أن تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وهذا ما فعله الإخوان بالضبط.
الثورة والإخوان والعنف:
(1) المثير للدهشة, وبينما كان يردد الإخوان أن جهازهم الخاص أنشيء من أجل محاربة الصهيونية ومواجهة الإنجليز, وبعد خروج الإنجليز من مصر وقيام حكومة تحارب الصهيونية1954 كان الجهاز السري يعزز وجوده, بل ويلقي بظلاله علي الجماعة كلها, فقد كون المرشد قبيل سفره إلي الأقطار العربية في أوائل يوليو1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان, بما يلزم مما تهيئه قدراتهم علي ضوء الأحداث وهذا طبيعي, لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة, فاللجنة مكونة من يوسف طلعت قائد الجهاز السري صلاح شادي المشرف علي الجهاز السري وقائد قسم الوحدات, وهو جهاز سري أيضا والشيخ فرغلي صاحب مخزن السلاح الشهير بالإسماعيلية ومحمود عبده وكان من المنغمسين في شئون الجهاز السري القديم محمود الصباغ ــ مصدر سابق ص314. ماذا كان يريد المرشد العام الثاني إذن, وإلي ماذا كان يخطط, خاصة أن الجهاز السري الذي زعم حسن البنا ــ ومازال الإخوان يزعمون ــ أنه أسس لمحاربة الاستعمار, قد تغيب تماما عن معارك الكفاح المسلح في القنال1954 وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبي من أي مشاركة فيه, وقال: كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين في الظروف الحاضرة, كأن شباب مصر كله قد نفر إلي محاربة الإنجليز في القنال, ولم يتخلف إلا الإخوان... ولم يجد هؤلاء للإخوان عذرا واحدا يجيز لهم الاستبطاء بعض الشيء... إن الإخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم ــ ليس له حق التعبير عنهم ــ إنهم قد أدوا واجبهم في معركة القنال فإن ذلك غلو لا جدوي منه, ولا خير فيه, ولايزال بين ما فرضه الله علينا من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلي أوقاتها د. رفعت السيد: الإرهاب المتأسلم ــ لماذا ومتي وإلي أين؟ الجزء الأول ص155, مارس2004 الأمل للطباعة.
هذا الكلام نرجو أن يتمعن الدكتور محمد بديع فيه جيدا قبل أن يخرج علينا ليصدعنا بأن النظام الخاص أنشيء من أجل قتال الإنجليز علي ضفاف القناة.