مصادر اموال الاخوان
ما يظهر من ثروات وأموال جماعة الإخوان المسلمين في مصر وباقي دول العالم، لا يزيد على كونه الجزء الظاهر من "جبل الثلج"، يختفي معظمه تحت الماء، وهو ما أكده في تقرير له الصحفي الأميركي فرح دوجلاس، الذي عمل في السابق مديرًا لمكتب صحيفة "واشنطن بوست" في غرب أفريقيا، وهو يعد من أوائل التقارير التي كشفت عن مصادر تمويل الإخوان المسلمين، مشيرًا من خلاله إلى أن الإخوان المسلمين نجحوا بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة، في بناء هيكل متين من شركات "الأوف شور"، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من قدرتها على إخفاء ونقل الأموال حول العالم، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخرى غير الدولة التي تمارس فيها نشاطها، وتتمتع هذه الشركات بغموض كبير يجعلها بعيدة عن الرقابة، مشيرًا إلى أن الفرضية الأساسية للجوء الإخوان المسلمين لشركات "الأوف شور"، هي الحاجة لبناء شبكة في الخفاء، بعيدًا عن أنظار الذين لا يتفقون معها في الأهداف الرئيسية، وعلى رأسها السعي لتأسيس الخلافة الإسلامية، ولتحقيق هذه الغاية حسبما يقول دوجلاس، اعتمدت استراتيجية الجماعة، على أعمدة من السرية والخداع والخفاء والعنف والانتهازية".
دار المال الإسلامي، وشركات الأوف شور التابعة له في "ناسو" بجزر البهاما، وهناك أيضًا يوسف ندا، وغالب همت، ويوسف القرضاوي، في بنك التقوى في ناسو، وأيضًا إدريس نصر الدين مع بنك أكيدا الدولي في ناسو، كما تكشف الوثائق التي اعتمد عليها دوجلاس في تقريره، أن الشبكة المالية للإخوان المسلمين من الشركات القابضة والتابعة، والمصارف الصورية، وغيرها من المؤسسات المالية، تنتشر في بنما وليبيريا، وجزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وسويسرا وقبرص ونيجيريا، والبرازيل والأرجنتين وباراجواي، لافتًا إلى ما قاله مسؤول كبير في الحكومة الأميركية، من أن مجموع أصول الجماعة دوليًّا، يتراوح ما بين 5 و10 مليارات دولار، بينما يرى دوجلاس أنه يظل من الصعب تقدير قيمة هذه الأصول بدقة، لأن بعض الأعضاء يملكون ثروات ضخمة، كما يملكون عشرات الشركات، سواء حقيقية أو "أوف شور"، مشيرًا إلى صعوبة التمييز بين الثروات الشخصية والعمليات الشرعية من ناحية، وبين ثروة الإخوان المسلمين من ناحية أخرى، لكنه قال إن هذا الأمر ليس مستحيلاً"، موضحًا أن إحدى العلامات التي تشير إلى انتماء شركة أو مؤسسة إلى أنشطة الإخوان المسلمين، وليست جزءًا من ثروة وممتلكات صاحبها، هو تداخل نفس الأشخاص في إدارة الشركات والمؤسسات المالية ويذكر الصحفي الأميركي في تقريره، أن تأسيس بنك التقوى وبنك أكيدا تم في ناسو على نمط شركات الأوف شور، ليكونا بنكين ظاهريًّا مع عدد قليل من الموظفين، يتولون حراسة أجهزة الكمبيوتر والهواتف، ويتبع البنك إدارة منظمة التقوى التابعة بدورها لكيان آخر يملكه ندا في سويسرا، ويملك ندا حصة الإدارة في البنك، فيما يشغل نصر الدين منصب المدير، وبنفس الأسلوب، يتبع بنك أكيدا منظمة نصر الدين، الذي يتولى إدارة البنك، بينما يظهر ندا كعضو بمجلس الإدارة، أما الأنشطة البنكية الحقيقية، فتتم من خلال علاقات تبادلية مع بنوك أوروبية. ويقول دوجلاس: "رغم الأدلة الواضحة والمتكاملة بشأن شبكة الأوف شور التابعة للإخوان المسلمين، التي توفر دعمًا لمختلف العمليات الإرهابية، فإن الإجراء الوحيد الذي تم اتخاذه ضد هذه المؤسسات المالية، هو تجميد عدد من الشركات المملوكة لندا ونصر الدين"، مضيفًا أنه كان هناك القليل من التنسيق من أجل رسم خريطة لتحديد وفهم الشبكة المالية للإخوان المسلمين، باستثناء مشروع حلف شمال الأطلسي، الذي يركز على أنشطة الجماعة في أوروبا، والساعي لتحديد مختلف الكيانات المرتبطة بها، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من أنشطة الإخوان المسلمين، قد تم تأسيسه كشركات "أوف شور"، من خلال صناديق استثمارية محلية في إمارة ليختنشتاين، الواقعة على الحدود السويسرية النمساوية، حيث لا توجد هناك حاجة لتحديد ةهوية أصحاب هذه الشركات، ولا توجد أي سجلات عن أنشطة الشركة ومعاملاتها ويؤكد خبراء اقتصاديون، أن جماعة الإخوان المسلمين تمتلك كيانات مالية ضخمة في السوق المصرية، مشيرين إلى أن الجماعة تمكنت خلال العقود الماضية من تكوين إمبراطورية مالية ضخمة يتزعمها رجال أعمال ينتمون للجماعة، بعضها تديرها زوجاتهم أو أبناؤهم، وهو ما دفع البعض إلى مطالبة الإخوان بالكشف عن مصادر تمويلهم، لافتين إلى انه لم يعد هناك ضرورة لإخفاء مصادر تمويلهم وميزانيتهم المالية الخاصة، بل أصبح الكشف عليها من ضروريات المرحلة الحالية، وهو ما يشدد عليه الخبير الاقتصادي احمد حسين، طالبا جماعة الأخوان المسلمين بضرورة الكشف عن المصادر والجهات التي تحصل منها علي أموال، ومعرفة هوية الدخل الذي تقتات عليه الجماعة منذ سنوات طويلة مضت، لافتا إلى انه إن كانت جماعة الإخوان قد وجدت مبرراً في الماضي لإخفاء مصادر دخلها، نظراً لتربص النظام السابق بها ومصادرة أملاكها ولجوئه لتجفيف منابع تمويلهم باستمرار، فإنه جاء الوقت للكشف عن الحقيقة فيما يتعلق بمصادرهم المالية، وهو ما يعد أيضا من ضروريات تقبل الجماعة كشريك سياسي في الساحة المصرية. بينما يري الدكتور عبد الستار المليجي العضو السابق في مجلس شوري الجماعة، أن هناك لغز غامض في مصادر تمويل الأخوان المسلمين وحقيقة ميزانيتها، مشيراً إلي سيطرة بعض قيادات مكتب الإرشاد عليها، موضحا أن الجماعة تتلقي تبرعات هائلة من الخارج والداخل ولا أحد يعلم عنها شيئاً، كما انه لا توجد لجان لحصرها والإشراف علي هذه التبرعات والمنح، مشيرا إلي أن جزءاً كبيراً منها يذهب لتلميع وتقديم قيادات الجماعة إلي الرأي العام، عن طريق إعطائهم أموالا بلا حدود لتحسين صورتهم ودعمهم مادياً، وهم من أصحاب الملايين الآن، مؤكدا انه لا أحد من أعضاء الجماعة بمجلس شوري الأخوان يعلم كيف تدار هذه العملية التي تفتقد إلي الشفافية، مشددا أيضا انه من الصعب بمكان أن تعلن الجماعة في الوقت الراهن عن حجم هذه الأموال ومصادرها الحقيقية بشكل صريح وهو المطلب الذي قال: أنهم تقدموا به في مجلس شوري الأخوان لمعرفته ولكن قوبل برفض شديد، مشيرا إلى أن هناك 120 عضواً بمجلس شوري الأخوان لا يعلمون شيئاً عن تمويل الجماعة أو ميزانيتهم.
من جهته يري عبد الرحيم علي الخبير في الشئون الدينية بمركز الأهرام، أن الجماعة لن تقدم علي الإعلان عن حجم تعاملاتها المالية حتي تكون بعيدة عن متناول الأجهزة الرقابية في الدولة، مثل مصلحة الضرائب والجهاز المركزي للمحاسبات والكسب غير المشروع وغيرها، مشيرا إلى أن هناك عمليات مالية مشبوهة تتم داخل الجماعة لا يوجد لها تفسير ويحيطها الغموض، قائلا: أن كل هذه الأسباب كفيلة بغلق الأخوان لملف الإعلان عن ميزانيتهم، وجعلهم يصرون بشدة علي الإبقاء علي سرية حساباتهم المالية.
من جهته يؤكد فريد إسماعيل عضو مجلس شوري جماعة الأخوان المسلمين، أن مصادر تمويل الأخوان معروفة ولا داعي لأن يتم التشكيك فيها، قائلا: أن كل عضو يقدم من دخله من 7 إلي 10 % كاشتراكات، إلا أن الغريب أن إسماعيل فشل في الرد علي السؤال المطروح حول قانونية هذه الاشتراكات؟ وهل تم التأكد الرقابي من أصحاب تلك التبرعات؟ هل هناك كشوف بأسماء محددة؟ وهل هي أسماء حقيقية؟ وهل التبرعات اسمية أم جماعية؟ وهل هي تجمعات أو منظمات أو هيئات مصرية أو غير مصرية؟ وهل يحق لها طبقا للقانون تلقي هذه التبرعات؟ مضيفا انه يرفض أن تتم مراقبة أموال الأخوان المسلمين، قائلا: أننا لم نتلق جنيهاً واحدا من الخارج، ولن نسمح لأحد أن يراقب أموالنا لأنها شأن داخلي، وبالتالي ليس من حق أي جهة بالدولة مراقبتنا، وسنظل نعمل بهذه الطريقة وهو الوضع الأمثل لعملنا، وهو نفس ما قاله رشاد البيومي نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، مؤكدا أن الكلام عن مصادر تمويل الجماعة لا يستحق الرد عليه، قائلا: أن مصادرنا معلومة لأعضاء الجماعة وغير معلومة لأي جهة رقابية.
تأتي الاشتراكات الشهرية المفروضة علي الأعضاء كصورة من صور كنز المال داخل الجماعة ، وطبقاً لدراسة صادرة عن المركز العربي للدراسات والبحوث فإن الجماعة تحصل علي دخل شهري لايقل عن 60 مليون جنيه أي 720 مليون جنيه سنوياً تأتي من القواعد الاخوانية التي لا تجد قوت يومها إلي قيادات مكتب الارشاد دون أدني مراقبة لحركة هذه الملايين الضخمة ودون تعريف قواعد الجماعة ببنود الصرف، لا رقابة ولا محاسبة فالملف المالي داخل الجماعة مليء بالمخالفات المشينة ولكن من يحاسب من.